المسيحيون في لبنان ضحية ميشال عون

المسيحيون في لبنان ضحية ميشال عون

المسيحيون في لبنان ضحية ميشال عون

 عمان اليوم -

المسيحيون في لبنان ضحية ميشال عون

بقلم: خير الله خير الله

ما يحدث من تفكّك داخل ما يسمّى “التيار العوني”، أمر أكثر من طبيعي يعبّر أفضل تعبير عن مأساة المسيحيين في لبنان الذين ساروا بأعداد كبيرة في مرحلة معيّنة خلف رجل يجمع بين الجهل والانتهازية بأفضل صورهما. إنّه تفكّك أكثر من طبيعي في ضوء استهلاك “حزب الله” لـ“التيار”، بعدما عصره عصر البرتقالة حتّى آخر نقطة منها. لم يعد ممكنا استمرار “التيّار” في وظيفته وتأدية الدور المطلوب منه. انتفت الحاجة إلى دور لـ“التيار” الذي لم يكن يوما، عبر مؤسسه ميشال عون، سوى أداة لدى الأدوات. كان دائما الأداة المفضلة لدى الأدوات، أكانت سوريّة أو إيرانيّة. هذا دور أداه “التيّار” ومؤسسه في محطات عدة صبّت كلّها في تهجير أكبر عدد من اللبنانيين، خصوصا المسيحيين من البلد وتحويله إلى مزرعة للنظام السوري في مرحلة معيّنة ثم لـ“الجمهورية الإسلاميّة” في مرحلة لاحقة وصولا إلى الوضع الذي يمرّ به لبنان واللبنانيون حاليا. يتمثل الوضع الحالي للبنان بأنّه بلد في مهب الريح لا يمتلك قراره، بما في ذلك قرار الحرب والسلام، الذي صار في يد إيران.

كان من أبرز المحطات، التي يبدو مفيدا التوقف عندها، وصول ميشال عون إلى قصر بعبدا في العام 1988 في نهاية عهد الرئيس أمين الجميّل. كان ميشال عون وقتذاك قائدا للجيش. لم تكن من مهمّة للحكومة التي شكلها سوى انتخاب رئيس للجمهوريّة خلفا لأمين الجميّل. من قصر بعبدا، تملّق ميشال عون، الرئيس السوري وقتذاك، حافظ الأسد الذي كانت لديه أسبابه لمنع وصوله إلى الرئاسة. يبدو أنّ الأسد الأب كان يمتلك تقارير عن شخصيّة قائد الجيش اللبناني الذي انتقل إلى قصر بعبدا وعن أنّه شخص غير سوي وانفعالي لا يمكن الاعتماد عليه كلّيا. كان ردّ من بات يسمّى “الجنرال” بأن فتح خطّا مع الرئيس العراقي الراحل صدّام حسين غريم حافظ الأسد الذي كان خارجا للتوّ من شبه انتصار في حرب السنوات الثماني مع إيران (1980 – 1988). كانت تلك خطوة، في اتجاه صدّام، تعكس جهلا في السياسة، إقليميا ودوليا، من جهة، ورغبة في الاستفادة من إغداقات الرئيس العراقي الذي دفع ثمن رسائل التحدي التي وجهها ميشال عون إلى حافظ الأسد من دون إدراك لأبعاد ذلك وعمق العلاقة التي أقامها النظام السوري مع اللاعبين الإقليميين والدوليين، بمن في ذلك إسرائيل نفسها، من جهة ثانية.

في خلال وجوده في قصر بعبدا بين أيلول – سبتمبر 1988 وتشرين الأول – أكتوبر 1990، ارتكب ميشال عون سلسلة من الجرائم حوّلت المسيحيين إلى ضحية من ضحاياه. وقف في وجه اتفاق الطائف ومنع الرئيس المنتخب رينيه معوّض من دخول القصر الرئاسي. سهل على الأجهزة السوريّة اغتيال معوض الذي لم يكن أداة طيعة لدى النظام السوري، بل كان تعبيرا عن الغطاء العربي والدولي للطائف. ذهب إلى أبعد من ذلك عندما دخل في مواجهة عسكريّة مع “القوات اللبنانية” متسببا بتدمير كبير للمناطق المسيحية وتهجير للمسيحيين وذلك بعدما خاض حربا مع المسلمين تحت عنوان “حرب التحرير”…

ليس ما يدعو إلى التوقف طويلا عند الخدمات التي أداها ميشال عون للنظام السوري في أثناء وجوده في قصر بعبدا بين 1988 و1990، خصوصا عندما دمّر الوجود المسيحي في لبنان وعجز عن قراءة التغيرات الإقليمية، خصوصا في ضوء غزو صدّام حسين للكويت وانضمام حافظ الأسد إلى التحالف الدولي الهادف إلى إخراج الجيش العراقي من هذا البلد. لكنّ الأكيد أن المسيحيين في لبنان لم يتعلّموا شيئا من المغامرات التي خاضها ميشال عون الذي أصبح لاحقا، في 31 تشرين الأوّل – أكتوبر 2016 رئيسا للجمهورية بصفة كونه مرشّح “حزب الله”، أي مرشح إيران لهذا الموقع. لم يكن ممكنا وصول الرجل إلى قصر بعبدا لولا الرعاية التي وفرها له صهره جبران باسيل الذي أخذ على عاتقه تدجينه وجعله في تصرّف الحزب، خصوصا في خدمة سلاحه غير الشرعي الذي قتل، بين من قتل، رفيق الحريري… وها هو يعمل حاليا على قتل لبنان.

ليس الحقّ كلّه على ميشال عون وما يمثله من انهيار للقيم والوعي السياسي. الحقّ على المسيحيين عموما الذين ارتضوا، خصوصا بعد اغتيال رفيق الحريري، السير مجددا خلف رجل أخذهم إلى الخراب. جاء ميشال عون وصهره إلى مجلس النواب بنواب من سقط المتاع. هبط مستوى التمثيل في مجلس النواب إلى درجة خلف فيها نسيب لحّود، رحمه الله، في المتن نواب من طينة إبراهيم كنعان ونبيل نقولا. لا يحقّ لأي نائب “عوني” الاعتراض على جبران باسيل، كون الرجل أوصل هؤلاء النواب إلى المجلس بعدما وضع نفسه في تصرّف “حزب الله”، بكلّ ما يمثله. فعل ذلك تحت لافتة السلاح يحمي الفساد… وإيصال الجهلة إلى مواقع وزارية ومناصب عليا في الدولة بحجة حماية حقوق المسيحيين!

لم يكن السقوط المسيحي وليد البارحة. ولد هذا السقوط من رحم اتفاق القاهرة في العام 1969، وهو اتفاق أيده في حينه الزعماء المسيحيون، باستثناء ريمون إده. لم ينبس الشارع المسيحي ببنت شفة. على العكس من ذلك، ذهب الشارع المسيحي إلى اتفاق القاهرة ثم ذهب إلى محاربة ظاهرة الشهابية التي كانت ضمانة لمستقبل المسيحيين الذين اختاروا في العام 1970 سليمان فرنجيّة رئيسا للجمهوريّة بدل إلياس سركيس. أسس ذلك لحرب أهلية بدأت في العام 1975. لا يزال لبنان يدفع إلى اليوم ثمن وصول سليمان فرنجيّة الجدّ إلى موقع رئيس الجمهوريّة.

في عهد ميشال عون انهار لبنان. انهار، بين ما انهار، النظام المصرفي وجرى تفجير مرفأ بيروت. تفكّك “التيار العوني” أم لم يتفكّك، تلك ليست المسألة. صدق الرجل مرّة واحدة وحيدة في حياته عندما قال إنّ لبنان “ذاهب إلى جهنم”. هذا ما حصل بالفعل وثمة من يعتقد أن البلد ما زال في بداية هذا الطريق…

نقلا عن العرب

 

omantoday

GMT 14:29 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

الثكنة الأخيرة

GMT 14:28 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

سوريا... هذه الحقائق

GMT 14:27 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

في أنّنا بحاجة إلى أساطير مؤسِّسة جديدة لبلدان المشرق

GMT 14:26 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

مخبول ألمانيا وتحذيرات السعودية

GMT 14:25 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

التاريخ والفكر: سوريا بين تزويرين

GMT 14:24 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

إنجاز سوريا... بين الضروري والكافي

GMT 14:22 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

ليبيا: لعبة تدوير الأوهام

GMT 14:21 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

عالية ممدوح

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

المسيحيون في لبنان ضحية ميشال عون المسيحيون في لبنان ضحية ميشال عون



إطلالات أروى جودة في 2024 بتصاميم معاصرة وراقية

القاهرة - عمان اليوم

GMT 13:56 2024 الثلاثاء ,17 كانون الأول / ديسمبر

نصائح سهلة للتخلص من الدهون خلال فصل الشتاء

GMT 20:41 2020 السبت ,05 كانون الأول / ديسمبر

يوم مميز للنقاشات والاتصالات والأعمال

GMT 17:31 2020 الجمعة ,28 شباط / فبراير

يولد بعض الجدل مع أحد الزملاء أو أحد المقربين

GMT 14:50 2019 الثلاثاء ,02 إبريل / نيسان

حافظ على رباطة جأشك حتى لو تعرضت للاستفزاز

GMT 06:18 2019 الإثنين ,01 تموز / يوليو

تنتظرك أحدث سعيدة خلال هذا الشهر

GMT 22:59 2019 الأحد ,15 أيلول / سبتمبر

اهتمامات الصحف الليبية الأحد

GMT 12:27 2019 الخميس ,05 أيلول / سبتمبر

السعودية تستضيف نزال الملاكمة الأهم هذا العام

GMT 16:04 2019 الخميس ,01 آب / أغسطس

تمتع بالهدوء وقوة التحمل لتخطي المصاعب
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

omantoday Omantoday Omantoday Omantoday
omantoday omantoday omantoday
omantoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
oman, Arab, Arab