هزيمة حماس لا تعني تجاوز الشعب الفلسطيني

هزيمة "حماس" لا تعني تجاوز الشعب الفلسطيني

هزيمة "حماس" لا تعني تجاوز الشعب الفلسطيني

 عمان اليوم -

هزيمة حماس لا تعني تجاوز الشعب الفلسطيني

بقلم: خير الله خير الله

للهزيمة اسم واحد وحيد هو الهزيمة، أكان ذلك في غزّة أو في أي مكان آخر كلبنان، على سبيل المثال وليس الحصر. يمجّد قسم لابأس به من الفلسطينيين، للأسف الشديد، الهزيمة. يهرب هؤلاء، مثلهم مثل "حزب الله"، من الواقع ويفضلون الإستعاضة عنه بالعيش في الأوهام. من الواضح أنّ هناك هروبا من رؤية ما حلّ من دمار وخراب بغزّة، كأن الهرب من الواقع يعوض العجز عن تحمّل المسؤولية وما يترتب على ذلك تجاه المواطن العادي!

ما لحق بـ"حماس" في غزّة هزيمة ليس بعدها هزيمة. استطاعت إسرائيل، التي لا تمتلك أي مشروع سياسي من أي نوع باستثناء القضاء نهائيا على فكرة خيار الدولتين، التخلّص من غزّة وتشريد مليوني مواطن من أهلها. حصل ذلك بعدما قرّرت "حماس" عبر شخص يحيى السنوار شنّ "طوفان الأقصى" من دون تفكير أو تصوّر لما سيكون عليه اليوم التالي للهجوم الذي استهدف مستوطنات غلاف غزّة. كان السنوار، الذي يقف وراء هجوم "طوفان الأقصى"، الشخص الذي غيّر المنطقة كلّها في ظرف 15 شهرا. لم يبق السنوار حيّا ليرى بأم العين ما صنعته يداه، بما في ذلك ما حصل في لبنان وسوريا. كان السنوار بين ضحايا "طوفان الأقصى" الذين زاد عددهم على سبعين ألف قتيل، في أقلّ تقدير.

المخيف في ضوء التدمير الممنهج التي قامت به إسرائيل أنّ "حماس" تصرّ على أنّها حققت إنتصارا. على من انتصرت "حماس" التي تعتبر أنّها ما زالت موجودة كي تنفي أن تكون لحقت بها هزيمة؟ هل يُعتبر الإنتصار على غزّة المدمّرة انتصارا؟

المخيف أكثر أنّ القضيّة الفلسطينيّة تراجعت في ضوء حرب غزّة. تحوّلت إلى قضية ذات طابع إنساني فيما هي قضيّة شعب موجود على أرض فلسطين يمتلك حقوقه الوطنية المشروعة قبل أي شيء.

مارست إسرائيل كلّ أنواع الوحشية في القطاع كي تؤكّد أن غزّة زالت من الوجود وصارت أرضا طاردة لأهلها. لا مفرّ في المرحلة المقبلة، مرحلة ما بعد وقف النار، من البحث عن صيغة جديدة لغزّة من دون "حماس" التي حكمت القطاع منذ منتصف العام 2007 وحولته إلى "إمارة إسلاميّة" على الطريقة الطالبانية. قضت "حماس" عمليّا، بفكرها المتخلّف، على كلّ ما يمت لثقافة الحياة بصلة في القطاع.

الغريب في الأمر أنّ "حماس" لم تقبل وقف النار إلّا بعدما استعد دونالد ترامب لدخول البيت الأبيض. كما العادة، منذ قيامها، وضعت "حماس" نفسها في خدمة المشروع اليميني الإسرائيلي الساعي إلى تأكيد أن لا طرف فلسطينيا يمكن التفاوض معه. يبدو أنّ الحركة استوعبت تماما مغزى التهديدات التي اطلقها الرئيس الأميركي الجديد – القديم في حال عدم إطلاق الرهائن الإسرائيلية الموجودة لدى الحركة منذ السابع من تشرين الأوّل – أكتوبر 2023، هذه الرهائن التي لا يهمّ مصيرها بنيامين نتانياهو الذي وضع منذ البداية نصب عينيه التخلص من غزّة.

كان في استطاعة "حماس" قبول شروط وقف النار قبل أشهر عدّة. تأخرت في ذلك غير مبالية بسقوط مزيد من الضحايا بين الفلسطينيين والحاق مزيد من الدمار بغزّة. ما الفائدة من الإنتظار إلى ما قبل أيام قليلة دخول ترامب البيت الأبيض لعقد صفقة وقف النار مع إسرائيل برعاية أميركيّة وقطريّة ومصريّة؟ هل الهدف الحصول على رضا الرئيس الأميركي الجديد؟ هل ينقذ ذلك "حماس" وقادة "حماس"؟

مرّة أخرى، سقطت "حماس" في امتحان مرتبط بغزة ومصيرها ومستقبل القضية الفلسطينية. لن يفيدها ترامب في شيء في منطقة دخلت مخاضا حقيقيا ليس في الإمكان التكهن بما سيؤول إليه باستثناء أنّ ما بات مطروحا في عهد ترامب هو مستقبل النظام في إيران. الأكيد أنّ حرب غزة، توقفت أم لم تتوقف، تجاوزت حدود القطاع الذي لا تزيد مساحته على 365 كيلومترا مربّعا. كانت حرب غزّة شرارة التغيير الكبير في المنطقة الذي يعبّر عنه أكثر ما يعبّر عنه ما شهدته سوريا التي خرجت من الحكم العلوي للمرّة الأولى منذ 54 عاما.

يظلّ أخطر ما في الأمر، في ضوء ما يحدث في غزّة، روح اللامسؤولية التي تتحكّم بمجموعة تتأثّر بفكر الإخوان المسلمين. إنّ روح اللامسؤولية هذه تجعل "حماس" تفكر في إمكان العودة إلى حكم غزّة يوما. ترفض الحركة. بكلّ بساطة، أخذ علم بما حلّ بالقطاع وأهله. ترفض أخذ العلم بأن مرحلة ما بعد الانسحاب الإسرائيلي من غزّة، في حال حصوله، تعني الحاجة إلى عشرات مليارات الدولارات وما بين عشر سنوات وعشرين سنة لإعادة بناء ما دمّره الإسرائيليون. يكفي التفكير في أن عملية إعادة إعمار غزّة تتطلب إزالة نحو 428  مليون متر مكعب من الردم؟ من سيتولى ذلك وما ثمن إعادة إعمار غزّة؟

لا شكّ أن ترامب مارس ضغوطا على نتانياهو في شأن غزّة. السؤال المهمّ لماذا يسعى المقيم الجديد في البيت الأبيض إلى ذلك؟ الواضح أنّه يريد الإنصراف إلى ملفات أخرى في المنطقة في ضوء ما خلفته حرب غزّة التي ذهب ضحيتها الفلسطينيون.

يبدو المطروح حاليا ما الذي سيحدث في اليوم التالي لدخول وقف النار حيز التنفيذ؟ في مقابل روح اللامسؤولية التي تحكمت بسلوك "حماس" التي نفذت مغامرة "طوفان الأقصى"، تبرز الحاجة أكثر من أي وقت إلى جهة مسؤولة تتولّى أمر القطاع. الثابت أنّ السلطة الوطنية بوضعها الحالي ليست في مستوى الأحداث ولا في مستوى تولي المسؤولية في غزّة. من سيأتي بمشروع سياسي شامل للفلسطينيين الذين لا يمكن تجاهل وجودهم كشعب من شعوب المنطقة؟ ما دور الإدارة الأميركية الجديدة في ذلك؟ ما العمل بالرفض الإسرائيلي لإستيعاب أنّ هزيمة "حماس" لا تعني بأي شكل تجاوز الشعب الفلسطيني غير القابل للتذويب؟

 

omantoday

GMT 22:52 2025 الأربعاء ,22 كانون الثاني / يناير

دولار ترمب

GMT 22:52 2025 الأربعاء ,22 كانون الثاني / يناير

... أن يقتل السوريّون واللبنانيّون عجولَهم الذهبيّة الثلاثة

GMT 22:50 2025 الأربعاء ,22 كانون الثاني / يناير

الواقعية والغرابة في مأساة غزة

GMT 22:49 2025 الأربعاء ,22 كانون الثاني / يناير

وعد ترمب ووعيده من المناخ للصحة

GMT 22:49 2025 الأربعاء ,22 كانون الثاني / يناير

المشروع العربي؟!

GMT 22:48 2025 الأربعاء ,22 كانون الثاني / يناير

العقلية المتطرفة والسلام المأمول

GMT 22:47 2025 الأربعاء ,22 كانون الثاني / يناير

تنصيب ترمب وعوالم التفوّق التكنولوجي

GMT 22:46 2025 الأربعاء ,22 كانون الثاني / يناير

أميركا... واستحقاقات العهد الذهبي

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

هزيمة حماس لا تعني تجاوز الشعب الفلسطيني هزيمة حماس لا تعني تجاوز الشعب الفلسطيني



أحلام بإطلالات ناعمة وراقية في المملكة العربية السعودية

الرياض ـ عمان اليوم

GMT 20:08 2025 الإثنين ,20 كانون الثاني / يناير

تطوير أدوية مضادة للفيروسات باستخدام مستخلصات من الفطر

GMT 16:04 2019 الخميس ,01 آب / أغسطس

تمتع بالهدوء وقوة التحمل لتخطي المصاعب

GMT 09:41 2019 الخميس ,01 آب / أغسطس

تعيش أجواء مهمة وسعيدة في حياتك المهنية

GMT 12:27 2019 الخميس ,05 أيلول / سبتمبر

السعودية تستضيف نزال الملاكمة الأهم هذا العام

GMT 22:59 2019 الأحد ,15 أيلول / سبتمبر

اهتمامات الصحف الليبية الأحد

GMT 19:30 2020 الخميس ,28 أيار / مايو

ينعشك هذا اليوم ويجعلك مقبلاً على الحياة

GMT 23:57 2020 الأحد ,06 كانون الأول / ديسمبر

ينعشك هذا اليوم ويجعلك مقبلاً على الحياة

GMT 16:45 2019 الخميس ,04 إبريل / نيسان

أبرز الأحداث اليوميّة عن شهر أيار/مايو 2018:
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

omantoday Omantoday Omantoday Omantoday
omantoday omantoday omantoday
omantoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
oman, Arab, Arab