«هذه مجازفة كبيرة»

«هذه مجازفة كبيرة»

«هذه مجازفة كبيرة»

 عمان اليوم -

«هذه مجازفة كبيرة»

غسان شربل

لم يعد اتجاه الأحداث غامضاً في مصر. الانتخابات الرئاسية ستسبق الانتخابات البرلمانية. ولم يعد سراً بعد نتائج الاستفتاء على الدستور أن الفريق الأول عبد الفتاح السيسي يتجه إلى ترشيح نفسه في انتخابات الرئاسة. وأنه سيرجع من الانتخابات فائزاً. الخائفون على الرجل والخائفون منه يسلمون علانية أو سراً أنه الرجل الأكثر شعبية في المشهد السياسي الحالي. وأن أسلوبه في مخاطبة المواطن المصري العادي أعطاه رصيداً أضيف إلى رصيد الجيش المصري. لا بد هنا من العودة إلى 30 حزيران (يونيو) الماضي حين تدفق عشرات ملايين المصريين في الميادين والشوارع احتجاجاً على نهج الرئيس «الإخواني» المنتخب محمد مرسي. ما كان الجيش ليجازف بعزل الرئيس في 3 تموز (يوليو) الماضي لولا الغطاء الشعبي الذي وفرته التظاهرات المليونية التي جرت قبل ثلاثة أيام. وما كان العالم ليتقبل الإطاحة بمرسي لو أنها تمت عبر دبابة استولت على القصر وأخرى على الإذاعة على غرار ما كان يحدث في زمن الانقلابات. ولعل أخطر ما أصيب به الحكم «الإخواني» هو توافر تغطية شعبية واسعة لإزاحة مرسي وهو ما جعله يسقط بفعل ما يمكن اعتباره شبه ثورة وشبه انقلاب. أخطر الأزمات هي تلك التي لا يملك طرفاها القدرة على التراجع. هذا يرشح مصر لأيام شديدة القسوة. لم يعد في استطاعة الفريق المراهن على السيسي التراجع. أزاح الرئيس في مجازفة كبيرة وبحجة إنقاذ البلاد وليس أمامه غير التقدم لإثبات أنه يملك تصوراً لإخراج مصر من وضعها الحالي وأنه يملك القدرة على تحقيق هذا التصور عبر المؤسسات. لا تملك المؤسسة العسكرية ترف العودة إلى تحريك الأحداث من وراء الستار. العنف الذي يستهدفها حالياً يجعل أي تراجع لها هزيمة مدوية. في المقابل يبدو أن «الإخوان» لا يملكون خياراً آخر غير الذي اعتمدوه منذ إطاحة مرسي. أي خيار الشارع لإسقاط الوضع الذي قام بعد إخراج مرسي عنوة من القصر. واضح أن «الإخوان» يتمسكون بخيار استنزاف الفريق الذي تولى السلطة بعد إزاحتهم منها. استنزاف يومي في الشارع بات يتخذ طابعاً دموياً خطراً. يترافق ذلك مع هجمات تستهدف الجيش والشرطة ومع تفجيرات وعمليات انتحارية. صحيح أنه لا يمكن إلقاء مسؤولية العمليات الانتحارية على «الإخوان» لكن الصحيح أيضاً هو أن منفذيها يستفيدون من المناخات التي يولدها برنامج «الإخوان» للمواجهة في الشارع. لا تستطيع المؤسسة العسكرية والأمنية المصرية الانحناء أمام الهجمات والعمليات الانتحارية. ستذهب أبعد في المواجهة وهو الأمر الذي سيعمق الانقسام الحاد في المجتمع ويضع الأمن ومواجهة الإرهاب في صدارة الأولويات الحكومية. سيرتكب «الإخوان» مجازفة جديدة شديدة الخطورة إذا تسببوا بممارساتهم والردود عليها في إغراق مصر في الدم. ذكرتني عبارة مجازفة كبيرة بما قاله لنا في القاهرة عصام العريان نائب رئيس «حزب الحرية والعدالة» الذراع السياسية لـ «الإخوان» في حديث نشرته «الحياة» في 29 حزيران الماضي أي قبل يوم واحد من اليوم الذي غير اتجاه الأحداث في مصر. سألته والزميل محمد صلاح إن كان يعتقد أن «الإخوان» ارتكبوا خطأ حين تولوا مسؤولية مصر في مرحلة حرجة؟. وجاء الجواب: «أعتقد أن «الإخوان» ضحوا تضحية كبيرة جداً في تحمل المسؤولية في ظروف محلية وإقليمية ودولية بالغة التعقيد والصعوبة وجازفوا مجازفة ضخمة بتاريخهم، بثقة الناس فيهم، وبتوظيف إمكاناتهم. فبعد الثورات، دائماً طموحات الناس كبيرة جداً جداً، وإمكانات الدول لتحقيق ما تريده قليلة جداً. وفي الوقت ذاته أن تتولى دولة بحجم دول، وأنت لم تكن في ماكينتها، لا موظفين، لا وزراء سابقين، لا خبراء يعلمون تفاصيل، لا تمتلك أجهزة الأمن ولا أجهزة المعلومات، لا تمتلك شيئاً... هذه مجازفة كبيرة». في اليوم التالي أظهرت مجريات 30 حزيران أن «الإخوان» ارتكبوا فعلاً مجازفة كبرى حين سارعوا إلى الإمساك برئاسة مصر ولو عبر صناديق الاقتراع. واستكملوا المجازفة حين فشلوا في إقناع المعارضة بالرقص معهم في عهد مرسي. ابتهاج «الإخوان» بتذوق السلطة للمرة الأولى حرمهم من الإحساس بنبض الشارع والشعور أن موعد هبوب العاصفة قد اقترب. سألنا العريان في الحديث نفسه إن كان يخشى من 30 حزيران فأجاب :»على الإطلاق». سألناه إن كان يعتقد بأن الرئيس مرسي سيكمل ولايته فرد: «أعتقد أنه سيكسب ولاية ثانية». بعد ثلاث سنوات من ثورة 25 يناير يتضح أن مصر عاشت على وقع مجازفات كثيرة وكبيرة. ما يتمناه أي عربي لمصر هو أن تكون حانت ساعة الانتقال من المجازفات إلى المؤسسات. الاستمرار في المجازفات يغرق المركب المصري في نهر الفقر والدم.

omantoday

GMT 14:29 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

الثكنة الأخيرة

GMT 14:28 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

سوريا... هذه الحقائق

GMT 14:27 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

في أنّنا بحاجة إلى أساطير مؤسِّسة جديدة لبلدان المشرق

GMT 14:26 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

مخبول ألمانيا وتحذيرات السعودية

GMT 14:25 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

التاريخ والفكر: سوريا بين تزويرين

GMT 14:24 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

إنجاز سوريا... بين الضروري والكافي

GMT 14:22 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

ليبيا: لعبة تدوير الأوهام

GMT 14:21 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

عالية ممدوح

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

«هذه مجازفة كبيرة» «هذه مجازفة كبيرة»



إطلالات أروى جودة في 2024 بتصاميم معاصرة وراقية

القاهرة - عمان اليوم

GMT 13:56 2024 الثلاثاء ,17 كانون الأول / ديسمبر

نصائح سهلة للتخلص من الدهون خلال فصل الشتاء

GMT 16:04 2019 الخميس ,01 آب / أغسطس

تمتع بالهدوء وقوة التحمل لتخطي المصاعب

GMT 09:41 2019 الخميس ,01 آب / أغسطس

تعيش أجواء مهمة وسعيدة في حياتك المهنية

GMT 22:59 2019 الأحد ,15 أيلول / سبتمبر

اهتمامات الصحف الليبية الأحد
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

omantoday Omantoday Omantoday Omantoday
omantoday omantoday omantoday
omantoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
oman, Arab, Arab