ساعة الرمل  اللوحة والواقع

ساعة الرمل .. اللوحة والواقع !

ساعة الرمل .. اللوحة والواقع !

 عمان اليوم -

ساعة الرمل  اللوحة والواقع

بقلم _ حسن البطل

على الجدار خارطة بقع منمنمات سود مبعثرة. تحت الخارطة على الأرض كومة مخروطية من الرمل. المعنى المباشر: الكيان السلطوي الفلسطيني ـ الجَنيني ينزف من منمنمات الخارطة الجغرافية إلى كومة الرمل تحته!

كم مرة رأيتم الخرائط الأربع لفلسطين ما قبل بلفور وسايكس ـ بيكو في القرن العشرين، ثم ما بعد ربع قرن أوسلوي؟ في مطلعه بدت السلطة الفلسطينية مثل حالة حمل بجَنين دولة فلسطينية على 22% من أرض فلسطين، أو ما يصفونه بـ «التقسيم الثالث» للعقار الفلسطيني.

مطلع أوسلو، قال الرئيس الإسرائيلي عيزر وايزمان إن «أولاد العمّ يقسمون بالتراضي»، وبعد مطلع القرن الحالي، صارت الشرعية الدولية تقسم العقار إلى دولتين.

الآن يقول جيسون غرينبلات إن الشق الاقتصادي يجب أن يستكمله شق سياسي من 60 صفحة مؤداه تقسيم رابع لا هو «حل الدولتين» ولا هو «حل الدولة الواحدة».

ستكون «فلسطين الجديدة» شكلاً ثالثاً للدول. مساحتها أضيق من الـ 22% وأوسع من «حكم ذاتي» على ما تبقّى!

النكبة الأيارية كانت بمثابة تبديد للشعب وطمساً لهويته، وإلغاءً للعلم الوطني. تبدو هذه الصفقة الترامبية بمثابة عملية إجهاض للكيان الجَنيني السلطوي.

الإجهاض ممكن إن كان الحمل في شهره الرابع، لكن جَنين «حل الدولتين» أدرك شهره السابع أو الثامن، والإجهاض قسراً يعني خطر موت الجَنين أو موت الأُمَ.

لو رضخت السلطة للصفقة، ولو ذهبت إلى ورشة المنامة الاقتصادية، ما كان غرينبلات، وقبله كوشنر وغيرهما قالوا: لا يوجد سلام اقتصادي دون حل سياسي مقبول للجانبين.

الحل السياسي المقبول على الجانب الفلسطيني ينطلق من حق تقرير المصير، لكنه في الشق السياسي من الصفقة يُسقط صفة «الاحتلال» ويرفع صفة أرض «متنازع عليها»، وينفي صفة الاستيطان إلى صفة «المدن والأحياء اليهودية» في أرض الضفة المحتلة، التي يصفها بـ «يهودا والسامرة».

الشقّ السياسي المزمع إعلانه في توقيت إسرائيلي ملائم، هو إعطاء الفلسطينيين أكثر من سلام اقتصادي، لكن مربوطاً بأمن إسرائيل على أنواعه ودرجاته: الأمني، الجغرافي، الديمغرافي، وهذا لا يتحقق لا في «حل الدولتين» ولا في «حل الدولة الواحدة».

عودة إلى بدايات المشكلة. كانت النكبة الأيارية الفلسطينية بمثابة عملية تبديد للشعب وأرضه وهويته الوطنية، وإلغاء لعلم البلاد، لكن النكسة الحزيرانية كانت بمثابة نكبة عربية وانطلاقة للكفاح المسلح الفلسطيني.
قبل النكسة وبعد الانطلاقة الفلسطينية كان الهدف الفلسطيني الوطني والقومي هو تحرير فلسطين و»دولة فلسطينية ديمقراطية».

بعد حرب تشرين 1973 وهدف «إزالة آثار العدوان» واحتلال إسرائيل لأرض عربية أخرى، وكامل أرض فلسطين، صار الهدف هو برنامج الاستقلال الفلسطيني بتحرير الأرض الفلسطينية المحتلة، سلماً أو حرباً، ودون صلح أو اعتراف، كما في «لاءات» قمة الخرطوم الثلاث.

الأمور تغيّرت عربياً بعد معاهدة الصلح المصرية ـ الإسرائيلية، وتغيّرت فلسطينياً بعد الانتفاضة الأولى، التي قادتنا إلى مؤتمر مدريد، ثم إلى مفاجأة أوسلو، فإلى تأسيس أول سلطة فلسطينية في التاريخ، ثم اعتماد الشرعية العربية والشرعية الدولية لـ «حل الدولتين».

مشروع الصفقة الترامبية يبدو تبديداً لـ «حل الدولتين»، أي لطموح دولة فلسطينية على خطوط العام 1967 النكسوي أو النكبوي العربي، وتفسيراً قسرياً أميركياً جديداً للنقاط الأوسلوية الخمس لمفاوضات الحل النهائي خلال خمس سنوات انتهت 1999.

تبدو خارطة المنمنمات الديمغرافية الفلسطينية في الضفة وكومة مخروطية للرمل، وكأنها الواقع الجديد كما يراه عمل فنان تركيبي هو عمل للفنان بشار الحروب.

بالاستيطان المتمادي تلغي إسرائيل عملية أوسلو، وبالشقين الاقتصادي والسياسي تبدو «صفقة القرن» قراءة أميركية ترامبية جديدة لنقاط الحل النهائي الخمس.

مع هذا، فإن «حكومة عموم فلسطين» بعد النكبة كانت على الورق، لكن السلطة الفلسطينية هي حكومة الشعب الفلسطيني واقعياً، وإن كانت وشعبها تحت الاحتلال.

هناك جواز سفر فلسطيني أوسلوي، وهوية فلسطينية أوسلوية، وعاد العلم الوطني. هذه أمور لا يسهل إلغاؤها، لأنها غدت واقعاً جديداً سياسياً وديمغرافياً وشرعياً.

لا يحاول الشق السياسي في الصفقة سوى طمس «لعثمة» عربية سياسية في «قبول ما يقبله الفلسطينيون ورفض ما يرفضونه»، وقبول المغريات الاقتصادية في الصفقة.. والخلاص من الهم الفلسطيني!

قرصنة
حكم قضائي إسرائيلي بخصم مليار شيكل من أموال المقاصة كتعويضات عن مقتل 34 إسرائيليا خلال الانتفاضة الثانية، يضاف إلى قرصنة بذريعة رواتب أسر الشهداء والأسرى، وخط كهربائي إلى غزة وآخر مائي.
للعلم، في تلك الانتفاضة سقط 64 فلسطينياً قبل أن يموت أحد الإسرائيليين. كم عدد الفلسطينيين الذين قتلوا بدم بارد؟

فك ارتباط
لا يمكن إلغاء أوسلو بجرّة قلم إسرائيلية، أو فلسطينية، أو أميركية.. لكن يمكن التنصّل التدريجي من إجحافها الاقتصادي. لذلك زار رئيس الحكومة الفلسطينية الأردن والعراق وقد يزور المغرب، ودول أخرى، لا تشمل العلاقات الاقتصادية مع سورية ولبنان.

omantoday

GMT 00:04 2024 الجمعة ,22 آذار/ مارس

المال الحرام

GMT 14:47 2021 الأربعاء ,17 تشرين الثاني / نوفمبر

الصين: رجل الضريح ورجل النهضة

GMT 14:45 2021 الأربعاء ,17 تشرين الثاني / نوفمبر

رؤية تنويرية لمدينة سعودية غير ربحية

GMT 14:44 2021 الأربعاء ,17 تشرين الثاني / نوفمبر

الحوار الاستراتيجي بين القاهرة وواشنطن

GMT 14:43 2021 الأربعاء ,17 تشرين الثاني / نوفمبر

... في أنّنا نعيش في عالم مسحور

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

ساعة الرمل  اللوحة والواقع ساعة الرمل  اللوحة والواقع



إطلالات أروى جودة في 2024 بتصاميم معاصرة وراقية

القاهرة - عمان اليوم

GMT 13:56 2024 الثلاثاء ,17 كانون الأول / ديسمبر

نصائح سهلة للتخلص من الدهون خلال فصل الشتاء

GMT 20:41 2020 السبت ,05 كانون الأول / ديسمبر

يوم مميز للنقاشات والاتصالات والأعمال

GMT 17:31 2020 الجمعة ,28 شباط / فبراير

يولد بعض الجدل مع أحد الزملاء أو أحد المقربين

GMT 14:50 2019 الثلاثاء ,02 إبريل / نيسان

حافظ على رباطة جأشك حتى لو تعرضت للاستفزاز

GMT 06:18 2019 الإثنين ,01 تموز / يوليو

تنتظرك أحدث سعيدة خلال هذا الشهر

GMT 22:59 2019 الأحد ,15 أيلول / سبتمبر

اهتمامات الصحف الليبية الأحد

GMT 12:27 2019 الخميس ,05 أيلول / سبتمبر

السعودية تستضيف نزال الملاكمة الأهم هذا العام

GMT 16:04 2019 الخميس ,01 آب / أغسطس

تمتع بالهدوء وقوة التحمل لتخطي المصاعب
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

omantoday Omantoday Omantoday Omantoday
omantoday omantoday omantoday
omantoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
oman, Arab, Arab