المال الحرام

المال الحرام

المال الحرام

 عمان اليوم -

المال الحرام

بقلم - سحر الجعارة

لفت انتباهى فى أولى حلقات مسلسل «بيت الرفاعى» أن الأب يتاجر فى الآثار والمخدرات ثم يتصدق منها على الفقراء ويصلى ويتحدث بخطاب دينى.. إنها نظرية «استحلال الأموال» المنتشرة بين معظم تجار الآثار.

خلف كل «جريمة منظمة» سوف تجد «فتوى» تنظمها وتبررها بفرع ضعيف من التراث، وتؤصلها كجزء أساسى فى الإسلام، وتجمّلها لتصبح «تزيداً فى الإيمان»، فـ«الاتجار فى البشر» وسوق النخاسة التى فتحتها «داعش» كانت مبنية على فتوى وجد قادة «داعش» مَن يؤكد أنهم فى حالة «جهاد فى سبيل الله» وأن غزواتهم للدول العربية لا تستدعى تكفيرهم ولا إخراجهم من الملة، وأن النساء مجرد «سبايا» يجوز مكافأة المجاهدين بهن أو بيعهن سواء كن أيزيديات أو «مسلمات من أهل السنة» وكذلك الاستيلاء على آثار وحضارات تلك الدول والاتجار بها باعتبارها «غنيمة»!!.

افتتح «يوسف القرضاوى» المزاد بفتوى تطالب دول النفط بتوزيع 20% من عائد النفط على فقراء العالم العربى ودعم فتوى «ابن باز» الشهيرة عن «الركاز».

وتعريف الركاز فى الإسلام هو ما وُجد مدفوناً فى الأرض من مال الجاهلية، ويُقصد بها حضارات ما قبل الإسلام، وقد أوجب الشرع فيه -عند استخراجه- الخُمس زكاةً، والباقى لمن استخرجه إن كان استخراجه من أرض يملكها أو من أرض مشاع.

وقد أكدت دار الإفتاء المصرية، فى فتوى أصدرتها عن حكم بيع الآثار والمتاجرة فيها، أن الآثار السابقة على الفتح الإسلامى والمعاصرة له تسمى ركازاً، أما الآثار الإسلامية فإنها تسمى كنزاً، ورغم أن السابقين كانوا يتحدثون عن «زكاة الركاز» وهى الخُمس، ويقصدون بها الأموال التى يحصل عليها الشخص دون عناء أو بذل مجهود، لكن تطور الأوضاع أقر بأن تلك الكنوز أو الركاز تعد بمثابة ثروة قومية يجب الحفاظ عليها لمصلحة الدولة، باعتبارها مصدراً من مصادر الدخل القومى، وشددت «الإفتاء» على أنه لا يجوز التعامل مع الآثار ممثلة فى التماثيل أو الرسوم أو النقوش.

فتوى دار الإفتاء لم تصمد أمام «مافيا الفتاوى»، فرأينا «هوس» التنقيب عن الآثار، وأعمال الحفر تتم خلسة بشكل جنونى، ورأينا قرى فى صعيد مصر تستعين بالمشعوذين والدجالين، وآخرين يستعينون بالجن وهو «الشِّرك» بعينه، لدرجة قتل أهالى القرية لتُفتح لهم خزائن مقبرة فرعونية.. وقد ازداد هذا الهوس بشكل كبير خاصة بعد عام 2011، صاحبته فتاوى دينية تزعم أن الآثار تعتبر من «الركاز»، وتتحدث عن «الفريضة المعطلة» وهى زكاة الركاز!.

على موقع «إسلام ويب» ستجد هذه الفتوى حول التجارة فى الآثار: (لا حرج على المسلم فى البحث والتنقيب عن أموال الكفار الذين كانوا قبل الإسلام أو أمتعتهم فى أرض مملوكة له أو ليست مملوكة لأحد، ومن عثر على شىء من ذلك -مما يباح اقتناؤه وبيعه- فيجب عليه أن يُخرج خمسه، ويصرفه فى مصارف الزكاة، وما بقى بعد إخراج الخمس فهو ملك له يتصرف فيه بما أحب من البيع أو التجارة أو القنية، «ولا عبرة بقانون يمنع من ذلك». والأصل فى ذلك عموم قوله صلى الله عليه وسلم فى الحديث المتفق عليه: وفى الركاز الخُمس).

كما ترسخ فى الفكر الشعبى أن «الخبيئة» هى حق مكتسب لمالك الأرض.. وأنها «هدف مشروع» لمن يسعى خلفها.

قبل قانون 1983، كان يحق للبعثات الأجنبية الحصول على 50% مما تكتشفه من آثار، بالإضافة إلى إتاحة تجارة الآثار مع توافر شهادات بذلك، وبالتالى كان يتم بيع هذه الآثار للمتاحف بشكل قانونى.. ثم تقلصت لـ10%، فى وقت كانت فيه تجارة الآثار مرخصة، ورغم أن اتفاقية اليونيسكو لعام 1970 منعت استيراد ونقل الممتلكات الثقافية، فإن كل متاحف العالم بها قطع آثار مصرية، وهذه القطع خرجت بالتجارة أو القسمة مع البعثات الأجنبية!.

ولهذا اعتذر الرئيس التنفيذى لمتحف «متروبوليتان» فى نيويورك «دانييل ويس»، عام 2021، وأعلن المتحف أنه سيعيد قطعة أثرية ثمينة إلى مصر، (تابوت مصنوع من الذهب)، بعدما علم أنها سُرقت من البلاد عام 2011.

لقد أنشأت وزارة الآثار المصرية إدارة لاسترداد الآثار، وتمكنت من استعادة حوالى ستة آلاف قطعة أثرية، وهى مهمة قومية لا تقل أهمية عن التنقيب عن الآثار التى أصبحنا نكتشف بعضها مصادفة، ولا عن «الترميم العلمى» للآثار!.

هذا يدعو لضرورة مواجهة «فتاوى الاستحلال» حتى لا نترك أثمن كنوز حضارتنا للجهلة والمشعوذين والمهربين.

omantoday

GMT 14:47 2021 الأربعاء ,17 تشرين الثاني / نوفمبر

الصين: رجل الضريح ورجل النهضة

GMT 14:45 2021 الأربعاء ,17 تشرين الثاني / نوفمبر

رؤية تنويرية لمدينة سعودية غير ربحية

GMT 14:44 2021 الأربعاء ,17 تشرين الثاني / نوفمبر

الحوار الاستراتيجي بين القاهرة وواشنطن

GMT 14:43 2021 الأربعاء ,17 تشرين الثاني / نوفمبر

... في أنّنا نعيش في عالم مسحور

GMT 14:42 2021 الأربعاء ,17 تشرين الثاني / نوفمبر

أبو عمار... أبو التكتيك

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

المال الحرام المال الحرام



إطلالات أروى جودة في 2024 بتصاميم معاصرة وراقية

القاهرة - عمان اليوم

GMT 13:56 2024 الثلاثاء ,17 كانون الأول / ديسمبر

نصائح سهلة للتخلص من الدهون خلال فصل الشتاء

GMT 16:04 2019 الخميس ,01 آب / أغسطس

تمتع بالهدوء وقوة التحمل لتخطي المصاعب

GMT 09:41 2019 الخميس ,01 آب / أغسطس

تعيش أجواء مهمة وسعيدة في حياتك المهنية

GMT 22:59 2019 الأحد ,15 أيلول / سبتمبر

اهتمامات الصحف الليبية الأحد

GMT 12:27 2019 الخميس ,05 أيلول / سبتمبر

السعودية تستضيف نزال الملاكمة الأهم هذا العام

GMT 21:47 2020 الثلاثاء ,30 حزيران / يونيو

يتناغم الجميع معك في بداية هذا الشهر

GMT 19:40 2021 الإثنين ,01 شباط / فبراير

يبدأ الشهر بيوم مناسب لك ويتناغم مع طموحاتك

GMT 04:43 2020 الإثنين ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

حظك اليوم برج العقرب الاثنين 2 تشرين الثاني / نوفمبر 2020

GMT 18:09 2020 الجمعة ,28 شباط / فبراير

تتخلص هذا اليوم من الأخطار المحدقة بك
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

omantoday Omantoday Omantoday Omantoday
omantoday omantoday omantoday
omantoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
oman, Arab, Arab