لبنان ومفارقات التجنيس والتوطين

لبنان ومفارقات التجنيس والتوطين !

لبنان ومفارقات التجنيس والتوطين !

 عمان اليوم -

لبنان ومفارقات التجنيس والتوطين

بقلم _ حسن البطل

أصله سوري! هيك كان موارنة «شارع أميركا» في بيروت، يحكون عن بهجت دكنجي الشارع، المسيحي الأرثوذكسي.. حتى بعد أربعين عاماً من تجنيسه كلبناني، في ثلاثينيات القرن المنصرم!

ما سألت صديق العائلة في بيروت، الطبيب عبد الله لاما، الفلسطيني المسيحي الأرثوذكسي، متى نال جنسية لبنانية. هل قبل أو بعد زواجه من جانيت، المسيحية المارونية، من سكان «دير القمر»، لكن بسبب أصله الفلسطيني نزح، في حرب أهلية اندلعت 1975، من بيته في الأشرفية المسيحية، إلى بيت في نزلة كاراكاس، ببيروت الغربية، كان يقطنه لبناني ماروني، له ميول «كتائبية».

خلال تلك الحرب، اغتال «الكتائبيون» ضابطاً لبنانياً، عندما احتلوا مخيم ضبية، وسكانه من لاجئي جليل فلسطين الموارنة.. لأن أصل الضابط فلسطيني، ولو تجنّس هو وسكان المخيم!

في تلك الحرب، رفع إيتان صقر، قائد ميليشيا طائفية شعار: لن يبقى فلسطيني في لبنان، لكن حكومة لبنانية في ما كان «لبنان الماروني ـ المسيحي» جنست معظم اللاجئين الفلسطينيين المسيحيين، بالانتقاء والاختيار الطوائفي. مع صعود الطائفة الإسلامية ـ الشيعية، خلال تلك الحرب وحتى الآن، جنّست أولاد زيجات مختلطة، فلسطينية ـ شيعية.

لكن، رئيس مجلس النواب من العام 1992، السيد نبيه بري، كان رئيس حركة «أمل» الشيعية، التي شنت حرباً قاسية على مخيمي صبرا وشاتيلا، منتصف ثمانينيات القرن المنصرم، بدعم «اللواء السادس» في الجيش، ودعم سورية، بعد خمس سنوات لا غير من مذبحة المخيمين بتعاون جيش الاحتلال الإسرائيلي مع ميليشيات مارونية لسعد حداد.

من معارضة الميليشيات المارونية لتوطين الفلسطينيين، لأنهم مسلمون، إلى معارضة نبيه بري الصارخة لـ»صفقة القرن»، لأنها تتحدث عن توطين اللاجئين، ومعظمهم كما نعرف عرب مسلمون.

خلال تلك الحرب، كتب صحافيون يساريون وليبراليون لبنانيون عن مفارقة معارضة حكومات شعب من الطوائف، لتوطين لاجئين يشكلون شعباً غير طوائفي!

مع إشارة «طبيب» على زجاج سيارته، كان عبد الله لاما، يأخذني وحدي إلى مغامرات خطرة، وأحياناً برفقة زوجته جانيت وزوجتي منى، وفي إحداها وصلت إلى كفر شوبا المحتلة، ورأيت جنود إسرائيل عن قرب شديد، مع جنود وميليشيا سعد حداد.

كانت له ابنة جامعية انتحرت لمرض عضال، وأوصت أن تدفن أقرب ما يكون لفلسطين، وكان وزوجته يضعان ورداً على قبرها من يوم أحد إلى آخر.

في مرّة من المرّات، أخذني إلى موطن زوجته في دير القمر، حيث تسيطر ميليشيا «نمور الأحرار» الشرسة، وعلى حاجزهم رحّبوا بابنة قريتهم وزوجها، الذي نادوه: «أبو حسن» لأن كل عبد الله ينادونه هناك هكذا، ولم يسألوا عن حسن الفلسطيني، الذي في جيبه فقط هوية «فتح». المرات والمغامرات كثيرة.

خجلت يوم خروجي في 31 آب 1982، أن أودّع صاحب بيتي وجاري الماروني العم إيليا، مرتدياً الكاكي، فلبسته في بيت مؤقت للطبيب الفلسطيني ـ اللبناني في نزلة كاراكاس ـ بيروت الغربية.. خجلت من مرافقة يوسف اللبناني السرياني من حاجز المتحف الى بيروت الغربية وبالعكس.

علمت لاحقاً، بشيء من مفارقات لبنان بعد الاحتلال الإسرائيلي لبيروت، حيث حاصرت قوة مؤلّلة لجيش الاحتلال ومعها صاحب البيت «الكتائبي»، بيت عبد الله.. لأنه «مساعد جورج حبش». كان مقرّباً من الجبهة الشعبية.

خلال نقاش ثلاثي بين ضابط القوة الإسرائيلية، وصاحب البيت الأصلي، ومحتله المؤقت قال: خذ بيتك هذا، متى أعود إلى بيتي في الأشرفية. «الكتائبي» احتدّ وقال: أنتم الفلسطينيين بعتم بلادكم.. واحتللتم بلادنا؟
الضابط الإسرائيلي الذي يفهم العربية، ردّ على «الكتائبي»: أنت كاذب.. أنا أعرف أن الفلسطينيين لم يبيعونا أراضيهم. طرده، وأبلغ الطبيب أن يتصل به إن ضايقه صاحب البيت الأصلي.

لماذا هذه الذكريات ـ التداعيات؟ لأن واحداً كتب على «الفيسبوك» ما معناه: نبيه بري لا يستحق إشادة رسمية فلسطينية على معارضته لتوطين الفلسطينيين، لأن دافعه هو أن معظم اللاجئين ليسوا شيعة لا يحبذ قادتهم توطين الفلسطينيين لأسباب طوائفية، عدا دور ميليشيا حركة «أمل» في «حرب المخيمات» على صبرا وشاتيلا، علماً أن الميليشيات الشيعية، بما فيها «حزب الله» تدربت في معسكرات حركة «فتح»، منذ حركة «المحرومين» إلى تشكيل «حزب الله».

في زمن الحركة الوطنية اللبنانية، حليفة الفلسطينيين، كان الزعيم الدرزي كمال جنبلاط هو بيضة القبّان في اختيار رئيس لبنان ورئيس الوزراء. قال: يكفيني أن يكتب التاريخ سطراً واحداً بأنني كنتُ مع نضال الفلسطينيين، هذا خير من أن يلعنني بصفحات سود لو كنت ضدهم!

الآن، يتحالف «حزب الله» مع بعض قادة المارونية السياسية، وصار هو بيضة القبّان في التوازنات اللبنانية، ويعارض هذا التحالف توطين اللاجئين السوريين والفلسطينيين لأسباب مختلفة، ويتحالف مع سورية لأسباب مختلفة، وضد تطبيع العلاقات مع إسرائيل لأسباب مختلفة.

الآن، علاقة فلسطين السلطوية مع قادة شعب الطوائف اللبناني حسنة، وعلاقة سورية الرسمية مع بعض قادة ذلك الشعب جيدة، أو عكرة، ولكن الذي بقي، قبل الحرب الأهلية اللبنانية وبعدها، هو أن الفلسطينيين في لبنان ظلوا شعباً لا طائفة، ولكن ليس لهم بعد سبعين عاماً من اللجوء حق العمل في عشرات المهن، والذين تجنّسوا منهم لأسباب مختلفة، سيشار إلى أصلهم الفلسطيني!

 

omantoday

GMT 00:04 2024 الجمعة ,22 آذار/ مارس

المال الحرام

GMT 14:47 2021 الأربعاء ,17 تشرين الثاني / نوفمبر

الصين: رجل الضريح ورجل النهضة

GMT 14:45 2021 الأربعاء ,17 تشرين الثاني / نوفمبر

رؤية تنويرية لمدينة سعودية غير ربحية

GMT 14:44 2021 الأربعاء ,17 تشرين الثاني / نوفمبر

الحوار الاستراتيجي بين القاهرة وواشنطن

GMT 14:43 2021 الأربعاء ,17 تشرين الثاني / نوفمبر

... في أنّنا نعيش في عالم مسحور

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

لبنان ومفارقات التجنيس والتوطين لبنان ومفارقات التجنيس والتوطين



إطلالات أروى جودة في 2024 بتصاميم معاصرة وراقية

القاهرة - عمان اليوم

GMT 13:56 2024 الثلاثاء ,17 كانون الأول / ديسمبر

نصائح سهلة للتخلص من الدهون خلال فصل الشتاء

GMT 20:41 2020 السبت ,05 كانون الأول / ديسمبر

يوم مميز للنقاشات والاتصالات والأعمال

GMT 17:31 2020 الجمعة ,28 شباط / فبراير

يولد بعض الجدل مع أحد الزملاء أو أحد المقربين

GMT 14:50 2019 الثلاثاء ,02 إبريل / نيسان

حافظ على رباطة جأشك حتى لو تعرضت للاستفزاز

GMT 06:18 2019 الإثنين ,01 تموز / يوليو

تنتظرك أحدث سعيدة خلال هذا الشهر

GMT 22:59 2019 الأحد ,15 أيلول / سبتمبر

اهتمامات الصحف الليبية الأحد

GMT 12:27 2019 الخميس ,05 أيلول / سبتمبر

السعودية تستضيف نزال الملاكمة الأهم هذا العام

GMT 16:04 2019 الخميس ,01 آب / أغسطس

تمتع بالهدوء وقوة التحمل لتخطي المصاعب
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

omantoday Omantoday Omantoday Omantoday
omantoday omantoday omantoday
omantoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
oman, Arab, Arab