«لعلّ انهياراً يحمي انهياري»

«لعلّ انهياراً يحمي انهياري...» !

«لعلّ انهياراً يحمي انهياري...» !

 عمان اليوم -

«لعلّ انهياراً يحمي انهياري»

بقلم _ حسن البطل

هل إن «لو» تفتح عمل الشيطان، كما يُقال؟ واحد إسرائيلي قال: لولا «وعد بلفور» و»سايكس ـ بيكو»، لقامت في بلاد الشام دولتان: سورية زائد لبنان والأردن، ودولة فلسطين. لماذا؟ لبنان (مع الأقضية السورية الأربعة.. ومن دونها) هي جبل لبنان منذ أسطورة جلجامش وأنكيدو، أي جبل الثلج الأبيض. أما الأردن (شرقي الأردن ثم المملكة الأردنية) فهي منسوبة لنهر الأردن.

شاعرنا القومي قال: كانت تسمّى فلسطين، صارت تسمّى فلسطين. كانت أولى خطوات العودة منذ انطلاقة «فتح ـ حركة التحرر الوطني الفلسطيني». ما من مصادفة أن معظم الفصائل اللاحقة يتذيل «فلسطين» اسمها، عدا فصيلين هما: فصيل «طلائع حرب التحرير الشعبية ـ قوات الصاعقة» و»جبهة التحرير العربية» الأول هو فصيل «البعث» السوري، والثاني «البعث» العراقي، وفصيل للقذافي.. وجميعهم فلّسوا!

الفصائل كافة قالت عن عناصرها المقاتلة إنهم «الفدائيون»، وإسرائيل قالت عنهم إنهم «مخرّبون»، علماً أن «الفدائيين» كلمة دخلت القاموس السياسي الدولي قبل كلمة «الانتفاضة»!

إلى نعت الفدائيين كمخرّبين، ادّعت إسرائيل، طيلة خمس سنوات بالذات، أن الفصائل الفلسطينية هي ذراع أنظمة عربية عجزت، عسكرياً، عن مواجهة إسرائيل، خاصة بعد هزيمة حزيران 1967 المدوية، حيث قال ناصر: الحركة الفدائية أنبل ظاهرة أنجبتها الأمّة.

كانت تلك مرحلة خمس سنوات قصيرة، خاصة في دعم الجيش الأردني الحركة الفدائية في معركة الكرامة الميمونة، ودعم سورية والعراق لها.. لسنوات!

عملياً، انتهى ربيع الدعم اللوجستي العربي للحركة الفدائية الفلسطينية وفصائلها عام 1970، مع صدام «منطق الثورة ومنطق الدولة» في دول الجوار العربي، واتهام الأنظمة أن فصائل المنظمة أضحت «دولة داخل دولة»، كما «دولة الفاكهاني» في العاصمة بيروت، و»فتح لاند» في الجنوب.

انتهى دعم سورية «البعث» لعمل فصائل المقاومة في الجولان المحتل مع انقلاب جناح بعثي بقيادة حافظ الأسد، ثم تنازعت سورية وفصائل المنظمة، سياسياً وعسكرياً، في نزاع النفوذ على لبنان، إلى اجتياح إسرائيلي عام 1982، كان أول حرب طويلة وحقيقية سبقته اجتياحات صغيرة. آنذاك رفعت «فتح» بالذات شعار القرار المستقل في وجه النفوذ السوري بلبنان، وحتى في معارضة فصائل المنظمة لمصر بعد «كامب ديفيد».

الخروج الأردني عام 1970، ثم الخروج اللبناني عام 1982، وشتات القوات والمؤسسات الفلسطينية، بعيداً عن حدود وخطوط التماس الجغرافي مع فلسطين، وما صاحب هذا من انتهاء مرحلة العمليات الفدائية في الأرض المحتلة الفلسطينية وإسرائيل، أيضاً.

لكن، مع الانتشار العسكري والسياسي الفلسطيني بعد العام 1982، انتهت مرحلة اشتباك القرار المستقل مع النظام العربي. قيادة المنظمة في تونس غيرها في بيروت، ولو أن إسرائيل لم توفر الضرب في تونس، والمنظمة لم توفر محاولات للضرب في إسرائيل.. الانتفاضة الأولى أنعشت القرار المستقل الفلسطيني، وقادت إلى أوسلو بوصفها مفاوضات مباشرة، كانت مفاجأة سياسية عربية وعالمية، كما فلسطينية وإسرائيلية، وبدأت مرحلة سياسية فلسطينية مستقلة.

قال البعض إن الخروج من الأردن كان «انهياراً» فلسطينياً، وكذا خروج بيروت، وأن السلام المصري ـ الإسرائيلي كان «انهياراً» عربياً في الصراع مع إسرائيل، استكمل بسلام وادي عربة الأردني ـ الفلسطيني.
لعلّ بدء «انهيار» إعلان اتفاق مبادئ أوسلو كان بعد انقضاء سنواته الخمس دون الاتفاق على النقاط الخمس للسلام الفلسطيني ـ الإسرائيلي.

الآن، يتحدثون عن «انهيار» آخر هو انسحاب أميركا من «حلّ الدولتين»، وقبلها تحدث البعض عن خيار «حل السلطة» لدفع إسرائيل إلى خيار «الدولة الواحدة»، خاصة بعد كمين شاروني بالانسحاب الأحادي من قطاع غزة، الذي أدّى إلى نسف مبدأ أوسلوي هو اعتراف إسرائيل بالوحدة الإدارية والسياسية لشقي سلطة فلسطينية تسعى إلى «حل الدولتين».

مع معارضة السلطة مشروع «صفقة القرن» بدأت إدارة ترامب سياسة «عصر» السلطة مالياً وسياسياً لترويضها. سبق للمنظمة أن تعرضت لحصار مالي وسياسي عربي، وسبق للسلطة أن تعرضت لابتزاز أموال المقاصة، لكن هذه المرة هناك حصار أميركي ـ إسرائيلي مالي وسياسي، وضعف استجابة عربية لشبكة أمان مالي.. وهناك هذه المرة، خاصة مع ورشة المنامة والشق المالي من «الصفقة»، حيث صار الانهيار السلطوي خطراً ماثلاً بشدة، أكثر من مخاطر انهيارات سبقت.

لأسباب ودوافع مختلفة، يخشى الفلسطينيون انهيار السلطة، كما تخشاه حكومة إسرائيل، وحتى دول ومنظمات عالمية تؤيد «حل الدولتين». هذه لعبة «عضّ أصابع» بين صبر تاريخي فلسطيني على قرار مستقل صار سياسة مستقلة، وبين دول عربية تؤيد «الصفقة» ضمناً والتطبيع ضمناً أو علناً مع إسرائيل، مع تعلق بحبال أوهام الشق السياسي الموعود حسب روزنامة مناسبات إسرائيلية، وحكومة فيها تجرؤ على قبول مشروط للشق السياسي، الذي يتحدث عن «فلسطين جديدة» مقيدة وصغيرة وغير ذات سيادة.

تغلب الصمود الفلسطيني على أشباح انهيارات سابقة، وقال فيها شاعرنا القومي: «لعلّ انهياراً يحمي انهياري من الانهيار الأخير». ربما يبدو خطر الانهيار الداهم الحالي كأنه رهان شمشوني «عليّ وعلى أعدائي»!
إن انهيار الصراع العربي ـ الإسرائيلي لا يعني انهيار الصراع الفلسطيني ـ الإسرائيلي، ولا السلام العربي ـ الإسرائيلي بديل عن السلام الفلسطيني ـ الإسرائيلي. يمكن أن تنهار السلطة أو تنحلّ، ولا يعني هذا انهيار الشعب واستسلامه، لا بعد الانسحاب العربي من دعم الكفاح المسلح الفلسطيني، ولا بعد التطبيع العربي ـ الإسرائيلي.

يقول ترامب إن «الصفقة» تمرّ في ولايته أو لا تمرّ، تمرّ مع حكومة نتنياهو السادسة أو لا تمرّ.. لكنها لن تمرّ إن انهارت السلطة أولاً، لأن نقطة انكسار الشعب الفلسطيني تبقى بعيدة المنال. هذه «الصفقة» أشبه بلعبة روليت روسية.

يقولون: «مش كل مرّة بتسلم الجرّة».. إن شاء الله تسلم هالمرّة!

omantoday

GMT 00:04 2024 الجمعة ,22 آذار/ مارس

المال الحرام

GMT 14:47 2021 الأربعاء ,17 تشرين الثاني / نوفمبر

الصين: رجل الضريح ورجل النهضة

GMT 14:45 2021 الأربعاء ,17 تشرين الثاني / نوفمبر

رؤية تنويرية لمدينة سعودية غير ربحية

GMT 14:44 2021 الأربعاء ,17 تشرين الثاني / نوفمبر

الحوار الاستراتيجي بين القاهرة وواشنطن

GMT 14:43 2021 الأربعاء ,17 تشرين الثاني / نوفمبر

... في أنّنا نعيش في عالم مسحور

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

«لعلّ انهياراً يحمي انهياري» «لعلّ انهياراً يحمي انهياري»



إطلالات أروى جودة في 2024 بتصاميم معاصرة وراقية

القاهرة - عمان اليوم

GMT 13:56 2024 الثلاثاء ,17 كانون الأول / ديسمبر

نصائح سهلة للتخلص من الدهون خلال فصل الشتاء

GMT 20:41 2020 السبت ,05 كانون الأول / ديسمبر

يوم مميز للنقاشات والاتصالات والأعمال

GMT 17:31 2020 الجمعة ,28 شباط / فبراير

يولد بعض الجدل مع أحد الزملاء أو أحد المقربين

GMT 14:50 2019 الثلاثاء ,02 إبريل / نيسان

حافظ على رباطة جأشك حتى لو تعرضت للاستفزاز

GMT 06:18 2019 الإثنين ,01 تموز / يوليو

تنتظرك أحدث سعيدة خلال هذا الشهر

GMT 22:59 2019 الأحد ,15 أيلول / سبتمبر

اهتمامات الصحف الليبية الأحد

GMT 12:27 2019 الخميس ,05 أيلول / سبتمبر

السعودية تستضيف نزال الملاكمة الأهم هذا العام

GMT 16:04 2019 الخميس ,01 آب / أغسطس

تمتع بالهدوء وقوة التحمل لتخطي المصاعب
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

omantoday Omantoday Omantoday Omantoday
omantoday omantoday omantoday
omantoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
oman, Arab, Arab