ماذا لو كانت هذه أخلاقنا

ماذا لو كانت هذه أخلاقنا؟

ماذا لو كانت هذه أخلاقنا؟

 عمان اليوم -

ماذا لو كانت هذه أخلاقنا

معتز بالله عبد الفتاح

يقول أرثر ميلر، الكاتب والروائى والمسرحى الأمريكى: المهارة فى أن تكسب النقاش ولا تخسر الناس، أن تقنع الناس بما تقول دون أن تقتل فيهم الرغبة فى النقاش.

وهو ما يجعلنا حين ندرس مادة «التفكير النقدى» للطلبة الأمريكان، وهى بالمناسبة مادة إجبارية على كل الطلبة فى جامعات ميتشجان، نركز على هذه الفكرة: نكسب النقاش، ولا نخسر الناس.

أعلم أن ما قاله الرجل يبدو مستحيلاً فى مصر. وهذه معضلة البشر فى كل المجتمعات لأن بعضهم «إذا خاصم فجر» كما جاء فى الحديث الشريف. ومع ذلك جاء القول القرآنى مخاطباً إياك وإياى وكل راغب فى أن يكسب النقاش وألا يخسر الناس: «وَلا تَسْتَوِى الْحَسَنَةُ وَلاَ السَّيِّئَةُ ادْفَعْ بِالَّتِى هِىَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِى بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِىٌّ حَمِيمٌ» [فصلت: 34].

ويأتى القرآن فى موضع آخر ليذكرنا: «عَسَى اللهُ أَنْ يَجْعَلَ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَ الَّذِينَ عَادَيْتُمْ مِنْهُمْ مَوَدَّةً وَاللهُ قَدِيرٌ وَاللهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ»، فربما أولئك الذين تعادونهم يصبحون فى قابل الأيام أهل مودة، والله قدير على ذلك والله غفور رحيم لأى خطأ يحدث منكم ومنهم إن التزم الجميع التوبة النصوح.

إذن ادفع بالتى هى أحسن، وإلا سينقلب الكون إلى حلبة صراع دائم بلا نهاية. وقد قالها الإمام الشافعى فى أبيات من الشعر:

إذا رمت أن تحيا سليماً من الردى... ودينك موفور وعرضك صيِّنُ

فلا ينطقن منك اللسان بسوأةٍ.. . فكلك سوءات وللناس ألسن

وعيناك إن أبدت إليك معايبا... فدعها وقل يا عين للناس أعين

وعاشر بمعروفٍ وسامح من اعتدى... ودافع ولكن بالتى هى أحسن

هل أزعم أننا نجيد مهارة صناعة الأعداء بتوجيه الانتقادات المبالغ فيها للآخرين على أخطاء نحن نرتكب ما هو أعظم منها؟ لكننا لا نرى فى أنفسنا شراً أو ضرراً ونرى فى الآخرين كل العبر.

وقد كان هذا أحد الدروس التى علمها الرسول (صلى الله عليه وسلم) لصحابته، وعلى رأسهم عمر بن الخطاب رضى الله عنه. كتب الأستاذ عباس العقاد ذات مرة محاولاً التفرقة بين بعض مواقف الرسول محمد (صلى الله عليه وسلم)، وعمر بن الخطاب (رضى الله عنه وأرضاه). واستعان بموقف كان فيه الأسود بن سريع ينشد الرسول، صلى الله عليه وسلم، المديح من الشعر. وأثناء إلقائه الأماديح، دخل رجل، فاستوقفه الرسول قائلاً: بَيِّنْ، بَيِّنْ. فسأل «ابن سريع»: من هذا الذى يطلب الرسول التوقف عن الكلام لحضوره؟ فقَالَ: «إنه عمر بن الخطاب، هذا رجل لا يحب الباطل».

يسأل «العقاد»: وهل يقبل محمدٌ الباطلَ الذى يأباه عمرُ؟

يرد «العقاد»: إن الفارق بين محمد وعمر، هو الفارق بين «الإنسان» العظيم و«الرجل» العظيم.

إن «عمر» يعرف دروباً من الباطل، ويعرف درباً واحداً من دروب الإنكار وهو السيف، أى الرفض القاطع لكل أشكال الباطل مهما صغر أو كبر، وكأنه يدفع ولكن بغير التى هى أحسن.

أما محمد، الإنسان العظيم، فهو أكثر استيعاباً لما فى النفس الإنسانية من عوج وتعريج، من صحة ومرض، من قوة وضعف، من صلاح وفساد؛ فيعرف دروباً من الباطل ويعرف دروباً من الإنكار. وقد يصبر الإنسان العظيم على ما يأباه الرجل العظيم.

يعنى إيه؟ يعنى «محمد» الرسول يرى أبعاداً ويفكر فى اعتبارات لا يراها أو يفكر فيها «عمر»، وكأنه درس تعلمه «عمر» حين أصبح الخليفة.

إذن: «وَلا تَسْتَوِى الْحَسَنَةُ وَلا السَّيِّئَةُ ادْفَعْ بِالَّتِى هِىَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِى بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِىٌّ حَمِيمٌ» صدق الله العظيم.

كلام أكرره عسى أن يكون له فائدة.

omantoday

GMT 17:26 2025 الإثنين ,06 كانون الثاني / يناير

مفكرة القرية: الإلمام والاختصاص

GMT 17:25 2025 الإثنين ,06 كانون الثاني / يناير

فيديوهات غبية في هواتفنا الذكية!

GMT 17:24 2025 الإثنين ,06 كانون الثاني / يناير

إيران بين «طوفان» السنوار و«طوفان» الشرع

GMT 17:23 2025 الإثنين ,06 كانون الثاني / يناير

عواقب النكران واللهو السياسي... مرة أخرى

GMT 17:22 2025 الإثنين ,06 كانون الثاني / يناير

الهجوم الإخواني على مصر هذه الأيام

GMT 17:21 2025 الإثنين ,06 كانون الثاني / يناير

المشهد في المشرق العربي

GMT 17:20 2025 الإثنين ,06 كانون الثاني / يناير

عيد الميلاد المجيد... محرابٌ ومَذبح

GMT 17:19 2025 الإثنين ,06 كانون الثاني / يناير

المسافات الآمنة!

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

ماذا لو كانت هذه أخلاقنا ماذا لو كانت هذه أخلاقنا



أحدث إطلالات أروى جودة جاذبة وغنية باللمسات الأنثوية

القاهرة - عمان اليوم

GMT 16:54 2025 الإثنين ,06 كانون الثاني / يناير

النظام الغذائي الغني بالفواكه والخضراوات يحدّ من الاكتئاب

GMT 22:59 2019 الأحد ,15 أيلول / سبتمبر

اهتمامات الصحف الليبية الأحد

GMT 12:27 2019 الخميس ,05 أيلول / سبتمبر

السعودية تستضيف نزال الملاكمة الأهم هذا العام

GMT 09:41 2019 الخميس ,01 آب / أغسطس

تعيش أجواء مهمة وسعيدة في حياتك المهنية

GMT 16:04 2019 الخميس ,01 آب / أغسطس

تمتع بالهدوء وقوة التحمل لتخطي المصاعب
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

omantoday Omantoday Omantoday Omantoday
omantoday omantoday omantoday
omantoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
oman, Arab, Arab