ساعات ديكارت رديئة الصُنع
أخر الأخبار

ساعات ديكارت رديئة الصُنع

ساعات ديكارت رديئة الصُنع

 عمان اليوم -

ساعات ديكارت رديئة الصُنع

بقلم:أسامة غريب

هذا الاسم الذى قد يبدو غريبًا هو أحدث كتب المفكر البحرينى، الدكتور نادر كاظم. يتناول الكتاب الذى أدهشنى موضوعًا غير مألوف هو: لماذا نمرض؟، وكيف يكون شكل الحياة إذا خلت من المرض، وهل تعمل الأمراض على حفظ التوازن للحياة بإفساح الطريق لقادمين جدد محل مَن جاء دور فنائهم؟.

من الواضح أن الكتاب عبارة عن رد فعل عقلانى على تجربة مرض ألَمّت بالكاتب، فدفعته إلى التأمل فى فكرة المرض والموت والإنسان الفانى الحالم بالخلود. لم يتعرض كاظم لتجربته الخاصة، وإنما تجاوزها إلى الفضاء العام مبحرًا فى لجج الفلسفة وضفافها.

وفى ظنى أن إحجام الكاتب عن عرض تجربته الشخصية يحمل قدرًا من المجاهدة، ذلك أن موضوعًا كهذا جذاب، وخاصة لمَن كانت الكتابة هى ميدانهم، فإذا أتت فرصة كهذه فإن معظم الكُتاب كان ليغتنمها ويدعم روابطه مع القراء من خلال موضوع جالب للمحبة والتعاطف وترويج الكتاب. لم يندفع الدكتور كاظم فى هذه السكة الزلقة، وإنما فتحت التجربة أمامه بابًا للتأمل فى الحياة، فعاد إلى الخلف سنوات كثيرة.

واقترب من فلاسفة الإغريق الذين تناولوا المرض، ثم عرّج على ميشيل دى مونتانى، الكاتب الفرنسى، الذى كانت تداهمه نوبات المغص الكلوى، فتعصف بحلمه، وتهد كيانه، وتُخرجه عن طوره، غير أن موقف ديكارت من مسألة المرض هو الذى استرعى انتباه المؤلف بقوة خاصة تشبيهه الجسد السليم بالساعة متقنة الصنع التى لا تقدم ولا تؤخر، وبالتالى فإنه من المنطقى أن الجسد العليل الذى يغيره المرض يشبه الساعة رديئة الصنع، ومن هنا جاء عنوان الكتاب.

تناول كاظم بعض المفكرين الذين غيّرهم المرض وأثر فى حياتهم وفى إنتاجهم الفكرى، ومنهم الفيلسوف الفرنسى «لوى ألتوسير»، الذى قدّم كتابات مشرقة قبل أن يداهمه المرض ويخل بتوازنه النفسى، فكانت أهم آثاره فى فترة المرض هى قتل زوجته ورفيقة حياته!، ثم عرّج الكاتب على سارتر وفلسفته الوجودية، وكيف أن أفكاره المتعلقة بامتلاك الإنسان لقدَره وحريته فى كل الأحوال، حتى وهو سجين أو مريض أو ينتظر الإعدام، لم تكن بالضرورة مثبَتة بالتجربة.

يتندر الدكتور كاظم على المرض الذى أقعد سارتر وسلس البول والجلطات التى تركته ذاهلًا عاجزًا عن اتخاذ أى قرار فبدا كما لو كان قطعة أثاث فاقدة للإرادة.. كل هذه الأمراض والحالة الصحية المتردية لفيلسوف الوجودية دحضت أفكاره ونالت من نظرياته فى العصب. ثم عرض الكاتب لفرانز فانون، المفكر الفرنسى، الذى ساند ثورة الجزائر وكيف قضى المرض على مشروعه الفكرى وحوّل الكاتب الواعد إلى جلد على عظم ينتظر الموت. تناول الكتاب أيضًا إدوارد سعيد وتجربته مع سرطان الدم وكيف تعامل مع مرضه ومع المحيطين به أثناء المرض، ونوع المؤلفات التى خرجت فى تلك الفترة.

هذا الطرح المبسط لا يغنى عن قراءة العمل الفذ. ومن الغريب أن الكتاب بطرحه العقلانى كان مُحاطًا بغلالة رومانسية، ربما كانت هدية من وعى الكاتب أو لا وعيه فى مقابل الخذلان الذى تعرض له من الجسد غير الوفىّ!.

omantoday

GMT 21:37 2025 السبت ,22 آذار/ مارس

إيطاليا تضحك

GMT 21:36 2025 السبت ,22 آذار/ مارس

ومضة لم يرَها الغافلون

GMT 21:32 2025 السبت ,22 آذار/ مارس

الحوثي ووهم القوة!

GMT 21:31 2025 السبت ,22 آذار/ مارس

مخطط: غزة قاحلة بشرياً

GMT 21:30 2025 السبت ,22 آذار/ مارس

ماذا بعد سقوط القصر؟

GMT 21:29 2025 السبت ,22 آذار/ مارس

حقائق الحوثى الثلاث

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

ساعات ديكارت رديئة الصُنع ساعات ديكارت رديئة الصُنع



إطلالات هدى المفتي تجمع بين الأناقة العصرية والبساطة

القاهرة - عمان اليوم

GMT 21:16 2020 الثلاثاء ,30 حزيران / يونيو

لا تتهوّر في اتخاذ قرار أو توقيع عقد

GMT 09:41 2019 الخميس ,01 آب / أغسطس

تعيش أجواء مهمة وسعيدة في حياتك المهنية

GMT 16:04 2019 الخميس ,01 آب / أغسطس

تمتع بالهدوء وقوة التحمل لتخطي المصاعب

GMT 22:59 2019 الأحد ,15 أيلول / سبتمبر

اهتمامات الصحف الليبية الأحد

GMT 12:27 2019 الخميس ,05 أيلول / سبتمبر

السعودية تستضيف نزال الملاكمة الأهم هذا العام

GMT 05:08 2023 الخميس ,21 كانون الأول / ديسمبر

برج الثور عليك أن تعمل بدقة وجدية لتحمي نفسك

GMT 09:32 2020 الجمعة ,30 تشرين الأول / أكتوبر

حظك اليوم الجمعة 30 أكتوبر / تشرين الأول لبرج القوس

GMT 20:16 2021 الإثنين ,01 شباط / فبراير

تجاربك السابقة في مجال العمل لم تكن جيّدة
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

omantoday Omantoday Omantoday Omantoday
omantoday omantoday omantoday
omantoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
oman, Arab, Arab