عن بعض رهانات أهل السنّة

عن بعض رهانات أهل السنّة

عن بعض رهانات أهل السنّة

 عمان اليوم -

عن بعض رهانات أهل السنّة

عريب الرنتاوي

إن لم تسقط رهانات بعض أهل السنة والجماعة على “داعش” وأخواتها، فإن كافة محاولات استعادة الأمن والاستقرار، وجهود بناء “أنظمة سياسة أكثر توازناً وعدالة في التمثيل”، ستسقط سقوطاً مدوياً، وسيصعب على ممثلي هذا “المكوّن الرئيس” في كل من سوريا والعراق ولبنان وصولاً حتى اليمن، أن يكسبوا مزيداً من الحلفاء والأعوان على الساحة الدولية، بل وسيتعذر عليهم، استدراج “معسكر الاعتدال العربي”، السنّي في غالبيته، إلى خوض معارك جادة ذوداً عن حقوقهم.

مناسبة هذا الحديث، ما كشفته التحقيقات اللبنانية مع “خلية عصون” وأحد أبرز قادة “داعش” اللبنانيين، أحمد ميقاتي والمكنى بـ “أبو الهدى”، والذي ضبطت على هاتفه الجوال، رسائل وفيديوهات، تظهر تورط النائب من تيار المستقبل خالد الظاهر في تحريض الجنود السنة على الانشقاق عن الجيش والالتحاق بـ “ميادين الجهاد”... وهي الواقعة التي تذكرنا بمواقف وارتباطات لسياسيين عراقيين من بينهم بعثيون وقوميون وعلمانيون، تورطوا في علاقات مشبوهة مع التنظيم المتشدد، قبل وبعد وفي أثناء، “غزوة نينوى” التي أدخلت العراق والمنطقة، في أتون مرحلة جديدة، لا أحد يعرف متى سنخرج منها أو كيف؟

قبل أيام، تحدث الملك عبد الله الثاني عن “حرب أهلية داخل الإسلام”، وهذا صحيح، فالمذاهب محتربة ويقتل أتباعها بعضهم بعضاَ، والدولة الوطنية آخذة في التآكل والذوبان، فيما يعاد توزيع مجتمعاتنا العربية وفقاً لخطوط الطوائف والمذاهب ... لكن الصحيح أيضاً، أننا نواجه نوعاً من “الحرب الأهلية” داخل أنصار وأتباع المذهب الأكبر، المذهب السني، ولو توفر إحصاء دقيق لأعداد الضحايا من أهل السنة الذين سقطوا على برصاص “الغلو والتطرف والإرهاب”، لوجدنا أنهم يفوقون أعداد الضحايا من المذاهب والطوائف الأخرى، لكأننا أمام عملية “انتحار جماعي” تمارسه الأكثرية السنية في بعض دول هذه المنطقة.

لحسابات بعضها انتهازي، قصير النظر، وبعضها الآخر مغلق إيديولوجياً ومذهبياً، تنتشر نظرية “عدو عدوي ...”، وهي نظرية غبيّة بامتياز، كما تنتشر نظرية “التحالف مع الشيطان ضد الاخر في المذهب” ... وفي مناخات كهذه، يصبح “لداعش” مؤيدون و”نواب” في البرلمانيين العراقي واللبناني، وتنبري عشائر وتيارات سياسية، الأصل أنها “علمانية” لمد اليد للتنظيم ودولته وخلافته، وبأشكال شتى، كما تنبري تيارات سياسية دينية وازنة، لتخليق الأعذار والحجج لتفسير موقفها السلبي من الحرب على الإرهاب.
صحيح أن التطرف الإسلامي لا يقتصر على أهل السنة والجماعة، فهناك متطرفون من مختلف المذاهب والأقوام، لكن الصحيح أيضاَ، أن التطرف الديني ذا المرجعيات السنيّة، هو الأكثر انتشاراً وعنفاً وتأثيراً ... وهذا أمر لا يمكن تفسيره ظرفياً، بل يتعين الرجوع إلى أسبابه وجذوره، التي يعود بعضها إلى فساد واستبداد كثير من أنظمة الحكم في العالم العربي، وهي في غالبيتها ذات مرجعية سنية، فيما يعود بعضها الآخر، لقفل أبواب الاجتهاد عن علماء هذه الطائفة ومفكريها.

لتكون النتيجة، أن بعض اللاعبين الدوليين الكبار، وذوي التأثير في المنطقة، بدأت تجتاح مراكز صنع القرار لديهم، أفكار وفرضيات، تقترح الانفتاح والتعاون مع دول ومنظمات إسلامية أخرى، باعتبار  أنها أكثر اعتدالاً، ولم يظهر من بينها من خطط وتنفيذ عمليات كالحادي عشر من سبتمبر أو ما شابهها ... هناك من يرى في إيران مشروع حليف قوي في مواجهة موجة التطرف الإسلامي السني ... هناك من بدأ يفكر بالاعتماد على حزب الله في مواجهة الموجة الإرهابية التي تضرب لبنان من شماله وشرقه ... بل أن هناك من يسرب بأن واشنطن، قد تفكر في مرحلة ما، بإعطاء الضوء الأخضر للجيش السوري، لدخول مناطق عكار والضنية، لمطاردة عناصر “داعش” وتدمير ملاذاته الآمنة.

نحن نعرف، أو هكذا نظن ونزعم، كيف تفكر “داعش”، وما هي محددات سلوكها السياسي والميداني ... لكننا في الواقع نجد صعوبة في فهم وقبول الطريقة التي يتعامل بها “علمانيو السنة” من مستقبل وغيره، مع بعض نوابهم، الذين ثبت المرة تلو الأخرى، أنهم “الذراع السياسي والبرلماني” لهذا التنظيم ... لا نفهم كيف يمكن لشخص مثل “شادي المولوي” في لبنان، أن يخرج من سجنه في رومية إلى بيته في طرابلس، بسيارة وزير ومليونير لبناني معروف، وأن يحظى مرة ثانية بصفقة وراءها وزراء كبار من المستقبل،  وهو الذي ما انفك يتلقى الاتهامات المثبتة بالدلائل القطعية، عن تورطه في إطلاق النار والقنابل على الجيش وقتل وذبح جنوده ...لا ندري كيف يمكن للنكايات الحزبية والانتهازية والمذهبية، أن تصبح “سياسة” وأن توفر “مخرجاً” آمناً لكل هؤلاء، المرة تلو الأخرى.

لا يعني ذلك، أن لا تطرف على الضفة الأخرى للانقسام المذهبي ... وهذه ليست شهادة براءة لمليشيات شيعية عاثت في العراق قتلاً وفساداً، كما أنها ليست “صك غفران” لمليشيات الحوثي في اليمن، ولا تبرئة مجانية لمناصري حزب الله أو حركة أمل، ولكنها على أقل تقدير، صيحة تحذير لكل هذه الأطراف، التي تكاد تحرق نفسها وبيئتها الحاضنة، في حمأة المناكفات والنكايات المذهبية والسياسة والانتهازية.

omantoday

GMT 18:35 2025 الجمعة ,24 كانون الثاني / يناير

كيف ستكون علاقتنا مع ترمب؟

GMT 18:34 2025 الجمعة ,24 كانون الثاني / يناير

في ذكرى صاحب المزرعة

GMT 18:34 2025 الجمعة ,24 كانون الثاني / يناير

بين التسلط بالامتداد أو التسلط والانفراد

GMT 18:33 2025 الجمعة ,24 كانون الثاني / يناير

مناخر الفضول وحصائد «فيسبوك»

GMT 18:32 2025 الجمعة ,24 كانون الثاني / يناير

ترمب والداء الأوروبي الغربي

GMT 18:31 2025 الجمعة ,24 كانون الثاني / يناير

لبنان... امتحان التشكيل

GMT 18:30 2025 الجمعة ,24 كانون الثاني / يناير

القراءة والكتابة أولاً

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

عن بعض رهانات أهل السنّة عن بعض رهانات أهل السنّة



إطلالات ياسمين صبري وأسرار أناقتها التي تُلهم النساء في الوطن العربي

القاهرة ـ عمان اليوم

GMT 18:45 2025 الجمعة ,24 كانون الثاني / يناير

فساتين براقة تناسب السهرات الرومانسية على طريقة منة شلبي
 عمان اليوم - فساتين براقة تناسب السهرات الرومانسية على طريقة منة شلبي

GMT 18:42 2025 الجمعة ,24 كانون الثاني / يناير

ألوان ديكورات 2025 جريئة تُعيد تعريف الفخامة
 عمان اليوم - ألوان ديكورات 2025 جريئة تُعيد تعريف الفخامة

GMT 20:08 2025 الإثنين ,20 كانون الثاني / يناير

تطوير أدوية مضادة للفيروسات باستخدام مستخلصات من الفطر

GMT 16:04 2019 الخميس ,01 آب / أغسطس

تمتع بالهدوء وقوة التحمل لتخطي المصاعب

GMT 09:41 2019 الخميس ,01 آب / أغسطس

تعيش أجواء مهمة وسعيدة في حياتك المهنية
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

omantoday Omantoday Omantoday Omantoday
omantoday omantoday omantoday
omantoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
oman, Arab, Arab