ما بعد حديث الملك للعلماء

ما بعد حديث الملك للعلماء

ما بعد حديث الملك للعلماء

 عمان اليوم -

ما بعد حديث الملك للعلماء

عريب الرنتاوي

تمحورت كلمة الملك الترحيبية بضيوف مؤسسة آل البيت من علماء المسلمين وفقهائها، حول فكرة جوهرية واحدة، تدعو إلى نبذ الطائفية والمذهبية والتصدي للفكر الزائف، معيداً التذكير بـ “رسالة عمان" التي يكاد يطويها النسيان، وما تضمنتها من مبادئ الإخوة الإسلامية والتسامح واحترام الأخر والتقريب بين المذاهب. واعترف أمامكم بأن سؤالاً داهمني وأنا أقرأ كلمات وسطور الكلمة الترحيبية: أين نحن مما ورد فيها؟ ... وإلى أي حد أو مستوى، تبدو "مساجدنا" على تناغم ووفاق مع الفكرة "الوسطية" و"التصالحية" التي عرضها الملك في خطابه؟ ... وأين نص وروح رسالة عمان، مما يقال في بعض مساجدنا أو كثيرٍ منها؟ ... وكيف انتهينا إلى حال، تبدو فيه الدولة في واد، وكثير من المنابر والمساجد في واد آخر تماماً؟ قبل أن ينتهي شهر رمضان المبارك، كنت استطلعت أراء خمسة أو ستة أصدقاء، يصلون في مساجد مختلفة من العاصمة، حول ما يستمعون إليه من خطب ومواعظ من على منابر المساجد التي يصلون فيها ... والنتيجة كانت مؤسفة للغاية: معظم الخطب وما يتبعها من دعوات بالموت والخراب والدمار، كانت تستهدف إيران والشيعة وأحياناً حزب الله. بعض شيوخ الدعوة لا يترددون في الهجوم على "اليهود والنصارى" وتكفير الشيعة (الروافض) والعلويين (النصيريين)، يُقال ذلك على المنابر، وأكثره تستمع إليه في سيارات "التاكسي" المدججة بالأشرطة الدينية شديدة التطرف، التي توزع وتنتشر تحت سمع الدولة وأبصارها، فضلا عن فائض الكتب والمجلات والإصدارات التي لا همّ لها، سوى زرع الفتنة الطائفية والمذهبية التي حذّر منها الملك. قبل أيام زارني صديق وناشط "كركي"، حدثني عن صلاة الجمعة الأخيرة، وكيف أن صديقاً له، محسوب على "التيار القومي – الصدامي" أحجم عن ترديد كلمة "آمين"، وطلب إلى صديقي عدم رفع كفّيه إلى السماء، فيما إمام المسجد يلهج بالدعاء على السيسي والإنقاذ وتمرد وكل من هو معادً لنظام الرئيس المعزول محمد مرسي ... مرة أخرى، يظهر كيف أن النظام والدولة في واد، وأدوات الوعظ ومنابر الإرشاد والتعبئة الجماهيرية في واد آخر. لسنا مع كبت حرية الرأي والتعبير، ولا نحن ممن يطربون لدعوات تكميم الأفواه، بيد أننا بحاجة ماسّة لإعادة تعريف مصطلح "العلماء"، وإعادة تحديد دور "المسجد" في حياتنا العامة ووظيفته ... فهل كل من أملت عليه علاماته المتدنية في امتحان الثانوية العامة واضطر لدخول كلية الشريعة، عالماً؟ ... هل كل من أطلق لحيته وقصّر ثوبه، عالماً؟ ... ولماذا يحظى هؤلاء بلقب العلماء ويحجب اللقب ذاته، عن علماء السياسة والاقتصاد والاجتماع والتربية والنفس؟ ... هل لأنهم ينطقون باسم الشريعة والنص المقدس، ومن قال أن للشرعية والنص، قراءة واحدة؟ ... ألم ينقسم المسلمون إلى فرق وأحزاب في قراءاتهم للنص المقدس الواحد، أليسوا منقسمين اليوم في فهم كنه هذا النص ومعناه؟ ... أية قراءة يتعين الأخذ بها، وأية قراءة يتعين مطاردتها بوصفها تحريضاً على العنف ودعوة للفتنة والتفتيت؟ ... من هو الحكم في ذلك، ومن هي الجهة الصالحة لأن تكون حكماً؟ هل يحق لمن اعتلى المنبر، أن يفرض على جموع المصلين والناس، قراءاته الخاصة للأحداث والتطورات السياسية في منطقتنا، وأن يملي عليهم جميعاً ترديد كلمة "آمين"؟ ... هل مؤيدو مرسي هم وحدهم المسلمين، فيما بقية الناس، سيموتون على الكفر والشرك، ويعيشون في جاهلية وضلال؟ ما الحدود التي يعتين على الخطيب أن يلتزم بها، وما الجوامع التي يتعين أن تكون إطاراً لكلمته من على المنبر، أما آراؤه الشخصية، فهو حر بها، يؤمن بما يشاء ويقول ما يشاء، بعيداً عن المنبر وهيبته و"عموميته"، حتى لا أقول قدسيته. في مصر، كما في غيرها من البلدان، تحوّلت المساجد في بعض الظروف والأحيان، إلى بؤر لممارسة العمل والنشاط السياسيين والدعويين لأحزاب وجماعات وحركات بعينها، وتطور الأمر إلى أن أصبحت قلاعاً ومنصات لإطلاق رصاص القناصة وتحضير قنابل "المولوتوف"، والبعض منا ما زال ينظر للمسجد بوصفه، غرفة عمليات المسلمين ومدرستهم وأكاديمياتهم، مستشهدين في ذلك بأزمنة سابقة، لم يكن فيها غير المسجد، من مكان لإدارة شؤون الأمة أو تعليم الناس؟ ... هل نحن بحاجة لإعادة تحديد دور المسجد في زمن الانقسامات المذهبية وحروب الطوائف وعصر العنف والإرهاب المتنقل؟ ... هل فعلنا ذلك، وإن حصل، فهل راقبنا حسن التنفيذ ومستوى الالتزام؟ في ظني أن ثمة حالة من الفلتان والفوضى في ميادين الوعظ والدعوة والخطابة، تجعل كما قلنا، الدولة في واد، وكل هذه العوالم الخلفية والتحتية في واد آخر، وقد نستفيق ذات وربما بعد فوات الأوان، فنجد حال الدولة المتآكل، وقد بات بنياناً فوقاً هشاً، فيما المياه تجري من تحت قواعدها وأساساتها، إن لم نستيقظ مبكراً، إن لم نستيقظ الآن. نقلا عن موقع القدس للدراسات السياسية 

omantoday

GMT 05:25 2025 السبت ,04 كانون الثاني / يناير

بشار في دور إسكوبار

GMT 05:24 2025 السبت ,04 كانون الثاني / يناير

«وشاح النيل»

GMT 05:23 2025 السبت ,04 كانون الثاني / يناير

وَمَا الفَقْرُ بِالإِقْلالِ!

GMT 05:22 2025 السبت ,04 كانون الثاني / يناير

الزمن اللولبي

GMT 05:21 2025 السبت ,04 كانون الثاني / يناير

هل قرأت افتتاحية «داعش» اليوم؟!

GMT 05:20 2025 السبت ,04 كانون الثاني / يناير

جنين... اقتتال داخل سجن مغلق

GMT 05:19 2025 السبت ,04 كانون الثاني / يناير

ما تم اكتشافه بعد سقوط النظام السوري!

GMT 05:18 2025 السبت ,04 كانون الثاني / يناير

الكونغرس... وإشكالية تثبيت فوز ترمب

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

ما بعد حديث الملك للعلماء ما بعد حديث الملك للعلماء



أحدث إطلالات أروى جودة جاذبة وغنية باللمسات الأنثوية

القاهرة - عمان اليوم

GMT 15:57 2025 الجمعة ,03 كانون الثاني / يناير

زيلينسكي يتهم الغرب باستخدام الأوكرانيين كعمالة رخيصة
 عمان اليوم - زيلينسكي يتهم الغرب باستخدام الأوكرانيين كعمالة رخيصة

GMT 09:56 2025 الأربعاء ,01 كانون الثاني / يناير

طرق فعالة للتخلص من الدهون خلال فصل الشتاء

GMT 09:41 2019 الخميس ,01 آب / أغسطس

تعيش أجواء مهمة وسعيدة في حياتك المهنية

GMT 22:59 2019 الأحد ,15 أيلول / سبتمبر

اهتمامات الصحف الليبية الأحد

GMT 16:04 2019 الخميس ,01 آب / أغسطس

تمتع بالهدوء وقوة التحمل لتخطي المصاعب
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

omantoday Omantoday Omantoday Omantoday
omantoday omantoday omantoday
omantoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
oman, Arab, Arab