داعش ستحترق بنيران تطرفها

داعش ستحترق بنيران تطرفها

داعش ستحترق بنيران تطرفها

 عمان اليوم -

داعش ستحترق بنيران تطرفها

عريب الرنتاوي

لا يكاد يمضي يوم واحد من دون أن يكون محمّلاً بالأخبار عن حالة «التفكك الداخلي» الذي يعيشه تنظيم الدولة الإسلامية ... صحف الأمس فقط حملت خبرين: الأول، عن قيام التنظيم بإعدام اثنين من «مجاهديه» السعوديين لأنهما قررا الانسحاب من جبهة كوباني– عين العرب ... والثاني، تحدث عن إعدام ثلاثة صينيين رمياً بالرصاص ومعهم أحد عشر «مجاهد» آخر من جنسيات أجنبية، جاءوا «للجهاد» في صفوف داعش، ثم قررا الانسحاب من المعركة سالمين، لكن سيوف داعش ورصاصته ومحاكمه «غير الشرعية»، كانت الأسرع في النطق بالحكم وتنفيذه.
المسلسل اليومي لقتل «المتخاذلين» و»الفارين» و»المنسحبين» و»الخونة» لا يكاد يتوقف، وتحديداً منذ بدء الضربات الجوية لقوات التحالف الدولي، تضاف إليه معلومات تقول بأن «المجاهدين الأجانب» في الشمال السوري، أخذوا يتوجهون إلى الجبال الوعرة والمكتظة بكهوفها ومغائرها في الريف الشمال للاذقية على مقربة من الحدود السورية التركية، بحثاً عن ملاذ آمن من ضربات التحالف وقوات النظام كذلك ... أما ألوف المجاهدين المحليين وعائلاتهم، فقد فروا إلى تركيا بحثاً عن الأمن و»الماء والكلأ».
تأتي هذه التطورات، في ظل أنباء متواترة، عن خلافات وانشقاقات، فالمسؤول عن أموال زكاة المسلمين في دولة الخلافة يفر إلى تركيا بأكثر من مليار ليرة سورية جمعها بحد السيف والسطوة ، وليلتحق بذلك بالمسؤول «الشرعي» الأول في داعش، الذي سبق الجميع في رحلة الهرب إلى تركيا أيضاً (دائماً إلى تركيا)، مع أن المنطق يقول إنه الرجل الذي يفترض فيه أن يكون الأكثر إيماناً بالقضية واستعداداً للنيل الشهادة في سبيلها ... تقارير أخرى، تتحدث عن اختراقات أمنية وتسليم محاور وجبهات لخصوم داعش وأعدائها.
قضايا الخلافات الداخلية وموضوعاتها تتوزع على عدة محاور: صراعات بين المحليين والوافدين، هؤلاء أقل تطرفاً من أولئك، وتربطهم بالمنطقة وعشائرها وأهلها، صلات وعلاقات ومحاذير .... صراعات بين «شرعيين سلفيين ووهابيين» وآخرين من بقايا حزب البعث والجيش العراقي المنحل، الذين «أسلموا» ولكن «لم يحسن إسلامهم» من وجهة نظر أبناء المؤسسة الدينية والشرعية ... صراعات براغماتية، تدور في غالبها حول جدوى القتال المستميت في جبهات «ساقطة عسكريا»، وهنا تبرز معركة كوباني بوصفها أنموذجاً للقرارات غير العقلانية، المحكومة بدوافع غبية وغيبية، تصدر عن قيادة التنظيم.
تطرح هذه الوقائع، جملة أسئلة وتساؤلات، منها على سبيل المثال لا الحصر، السؤال المتعلق بجدوى الضربات الجوية لقوات التحالف ضد مواقع داعش ومقراتها وقوافلها ... البعض يجادل جازماً بانها «تكتيك عسكري» غير مجدٍ، وأن على التحالف التفكير بتطوير حربه على «دولة الخلافة»، والانتقال إلى الحرب البرية ... المعطيات الأكثر دقة تقول: إن الضربات الجوية لم تنه التنظيم ولن تنهيه، وهذا صحيح، لكن الصحيح كذلك، أن هذه الضربات تسهم بفاعلية في شل حركة التنظيم، وإلحاق خسائر جسيمة في أوساطه، وإبقائه في حالة استنفار على مدار الساعة، إرهاقه واستنزافه، بل وإثارة مشاعر إحباط لدى الألوف من منتسبيه من خارج الحلقة الضيقة الصلبة لكوادره وقياداته العقائدية المجربة.
والمعطيات تؤكد، أن تكثيف هذه الضربات، من شأنه الحد من توسع هذا التنظيم وتمدده، وهو أمر بات ملحوظاً في الأسابيع الأخيرة، حيث عجز التنظيم عن تسجيل أي تقدم جدي أو اختراق، لا في سوريا ولا في العراق، بل على العكس من ذلك تماماً، إذ أخذ يخسر مناطق ومحافظات ليست كوباني السورية وديالى العراقية، سوى شاهدين على المكانة المتراجعة للتنظيم، في حين تكشف معارك المقدادية ومناطق في نينوى والأنبار، عن وضع دفاعي حرج يجد مقاتلو داعش أنفسهم فيه.
لا يعني بذلك، أن داعش قد انهار وانتهى أو أنه على وشك رفع الرايات البيضاء ... الحرب مع داعش ما زالت بعيدة عن خط النهاية، وهي بالضرورة تنتظر حشد وتأهيل قوات برية تستكمل الأثر الذي تحدثه الضربات الجوية وتتناغم من عملياتها ... وطالما إن المجيء بهذه القوات من خارج سوريا والعراق، يبدو أمراً متعذراً، فإن المنطقي والمطلوب، هو دعم القوات التي تقاتل داعش على الأرض من سورية وكردية وعراقية، وفي سياق عملية سياسية تحدث التوازن في النظام السياسي العراقي، وترسي قواعد حل سياسي للأزمة السورية، بصورة تسمح بالتعاون مع الجيش السوري في خوض المعارك مع التنظيم المتحصن شمالي شرق البلاد.
ومن دون التقليل من شأن الضربات العسكرية، الجوية والبرية التي توجهها أطراف عديدة للتنظيم، فإن «البعد الأمني – الاستخباري» ما زال عنصراً حيوياً في الحرب على الإرهاب ... وهنا تشتد الحاجة لأوسع وأشمل عمليات التنسيق وتبادل المعلومات بين الأطراف المنخرطة في الحرب على الإرهاب، لضمان اختيار أكثر الأهداف أهمية وحيوية للتنظيم من جهة، وتقليص الخسائر البشرية في صفوف المدنيين المرتهنين لحكم داعش من جهة ثانية.
هي حرب مديدة ومريرة بلا شك، بيد أنها من نوع الحروب الذي لا تملك دول المنطقة وشعوبها والمجتمع الدولي من ورائها، من خيار سوى الانتصار فيها ... واحسب أن التنظيم الدموي قد دخل في مرحلة العد العكسي، حتى وإن كان لا يزال قادراً على مفاجأتنا بين الحين والآخر ... وأبرز دلالة على المكانة المتآكلة للتنظيم، أنه أخذ يعيش وضعاً داخلياً صعباً، وانتقل من مرحلة إجبار السكان بقوة الحديد والنار على البقاء في «ولاياته» و»إماراته» إلى مرحلة إطلاق النار على ظهور «مجاهديه» الهاربين من جحيم المعارك والتطرف البالغ حد تعطيل العقل وشل الإرادة ... ألم يقل من سبقنا بأن النار تأكل نفسها إن لم تجد ما تأكله.

 

omantoday

GMT 12:06 2025 الأحد ,12 كانون الثاني / يناير

جانب فخامة الرئيس

GMT 11:20 2025 الأحد ,12 كانون الثاني / يناير

الإنسانية لا تتجزأ….

GMT 11:18 2025 الأحد ,12 كانون الثاني / يناير

ممَّ يخاف كارل غوستاف؟

GMT 11:18 2025 الأحد ,12 كانون الثاني / يناير

نهاية الحروب اللبنانية مع إسرائيل

GMT 11:17 2025 الأحد ,12 كانون الثاني / يناير

مسألة «الصراع» و«القضيّة» اليوم!

GMT 11:16 2025 الأحد ,12 كانون الثاني / يناير

هم يحيون بالتطرف... لا يستخدمونه فقط

GMT 11:15 2025 الأحد ,12 كانون الثاني / يناير

لبنان العربي وعودة الدولة

GMT 11:14 2025 الأحد ,12 كانون الثاني / يناير

قراءة في معاني انتخاب رئيس لبنان الجديد

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

داعش ستحترق بنيران تطرفها داعش ستحترق بنيران تطرفها



أيقونة الموضة سميرة سعيد تتحدى الزمن بأسلوب شبابي معاصر

الرباط ـ عمان اليوم

GMT 22:59 2019 الأحد ,15 أيلول / سبتمبر

اهتمامات الصحف الليبية الأحد

GMT 16:04 2019 الخميس ,01 آب / أغسطس

تمتع بالهدوء وقوة التحمل لتخطي المصاعب

GMT 12:27 2019 الخميس ,05 أيلول / سبتمبر

السعودية تستضيف نزال الملاكمة الأهم هذا العام
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

omantoday Omantoday Omantoday Omantoday
omantoday omantoday omantoday
omantoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
oman, Arab, Arab