ماذا وراء التردي المتسارع لعلاقات الرياض وطهران

ماذا وراء التردي المتسارع لعلاقات الرياض وطهران؟

ماذا وراء التردي المتسارع لعلاقات الرياض وطهران؟

 عمان اليوم -

ماذا وراء التردي المتسارع لعلاقات الرياض وطهران

عريب الرنتاوي

بلغ التراشق الإعلامي بين الرياض وطهران، حداً ينذر لا بتفاقم العلاقات الثنائية بين البلدين وتدهورها في شتى الميادين فحسب، بل وبزيادة تعقيد معالجة بقية الأزمات المفتوحة في المنطقة، من سوريا والعراق، مروراً باليمن والبحرين، وليس انتهاءً بلبنان ... فكلا الدولتين تتمتعان بنفوذ لا يستهان به في هذه الساحات، وتتوفران على شبكة من الأصدقاء والحلفاء والأتباع في كل منها، تكفي لجعل الحلول السياسية لأزماتها، أمراً بعيد المنال.

لا أدري إن سبق لمسؤول سعودي رفيع أن استخدم مثل العبارات التي وردت على لسان وزير الخارجية السعودية في المؤتمر الصحفي المشترك مع نظيره الألماني الزائر، حين وصف النفوذ الإيراني في البلدان المذكورة بـ “الاحتلال”، واشترط رحيل هذا الاحتلال، للتعامل مع إيران “الوطن والمواطنين” ... أما ردة الفعل الإيرانية التي وردت على ألسنة أكثر من متحدث رفيع، فقد جاءت مساوية للهجمة السعودية في المقدار ومعاكسة لها في الاتجاه، وألقى هؤلاء المتحدثون على الرياض، بنفس لائحة الاتهامات التي أشهرها الفيصل في وجه بلادهم.

والحقيقة أن ركاماً هائلاً من المقالات والتحليلات المتفائلة بقرب عودة المياه إلى مجاريها بين الدولتين الجارتين، قد سُطّر في الأشهر القليلة الفائتة، بعضها واكب لقاءات السنغال ونيويورك واتصالات رفسنجاني مع القصر الملكي الذي يحتفظ معه بعلاقات شخصية نادرة، وبعضها الآخر رافق التغييرات التي طرأت تباعاً على قيادة بعض مؤسسات صنع القرار في المملكة أو بعد انتخاب الشيخ حسن روحاني رئيساً للجمهورية الإسلامية، وهو المعروف بخطه السياسي المعتدل ... لكن ثبت أن هذه التحليلات والمقالات، كانت متفائلة بأكثر مما ينبغي، فيما التطورات المتلاحقة التي يشهدها الإقليم، تظل تسهم في توسيع الشقة والشرخ، بدل تجسير الفوارق وبناء التفاهمات بين قطبي العالم الإسلامي الأكثر نشاطاً وتأثيراً في السنوات الأخيرة.

وأحسب أن انقلاب المشهد اليمني رأساً على عقب، بهيمنة “الحوثيين” على تسع محافظات يمنية شمالية، من بينها العاصمة، وامتلاكهم لأول مرة، لمنفذ بحري في ميناء الحديدة على البحر الأحمر، لعب دوراً مهماً في تأجيج لغة التصعيد والحرب الكلامية بين الجانبين ... فاليمن، منذ سنوات طويلة، ظل في دائرة “الرعاية والنفوذ” السعوديين ... اليوم تأتي إيران، عبر حلفائها الحوثيين في الشمال، لتقلب المعادلة تماماً، فيما الجنوب الذي ترتبط حراكاته الرئيسة بعلاقات وثيقة مع طهران كذلك، يستعد لاغتنام الفرصة لاستعادة دولته المستقلة، ومن قرأ تصريحات قادة الحراك في الداخل والخارج، ظنّ أن أمر إعلان الانفصال، بات وشيكاً، بل ووشيكاً جداً، وربما يكون المفاجأة اليمنية التالية.

والواضح أن المملكة استفاقت على هول المفاجأة اليمنية، لتجد أن شبكة أصدقائها وحلفائها، تتقلص إلى أدنى حدود التأثير، فالمعادلة اليمنية الجديدة، تضع كثيرا من القوى الفاعلة والمؤثرة في اليمن، في موقف عدائي من المملكة، من التيار الحوثي وقوى الحراك الجنوبي، مروراً بفرع الإخوان المسلمين هناك (التجمع اليمني للإصلاح) وصولاً إلى تنظيم القاعدة في اليمن وجزيرة العرب، الذي وإن كان يناصب الحوثيين العداء، شأنه في ذلك شأن الإخوان المسلمين، إلا أنه يناصب السعودية عداءً لا يقل حدة ولا خطورة، شأنه في ذلك شأن التجمع اليمني أيضاً.

المملكة قرأت تصعيد المعارضة البحرينية لخطابها المناهض للنظام، وقرارها بمقاطعة الانتخابات التي يعوّل عليها النظام كثيراً لترميم صورته على الساحة الدولية، بوصفها رسالة إيرانية ثانية للرياض، تستدعي رفع وتيرة النقد والإدانة للسلوك الإيراني “الاحتلالي” في المنطقة.

بقية الملفات، ليس خافياً على أحد، عمق الخلاف السعودي – الإيراني حيالها وعليها ... فالحرب في سوريا والعراق، والأزمة المستعصية في لبنان، هي في أحد وجوهها حروب بالوكالة بين البلدين، بل أن حلفاء كل منهما، يتواجهون بأكثر أنواع الأسلحة تقدماً، في ساحات القتال وميادين المعارك.

على أن ما يجري تسريبه من معلومات عن تقارب إيراني أمريكي، واحتمال التوصل لاتفاق بين طهران ومجموعة “5 + 1) حول برنامجها النووي، وخشية المملكة من أن تفضي الحرب الأمريكية على “داعش” إلى فراغ تملأه إيران وحلفاؤها، وتقطف وحدها ثماره، ربما يكون السبب الأهم في موجة التصعيد الأخيرة في علاقات البلدين.

والمرجح أن هذه الأزمة المتفاقمة في العلاقات بين الرياض وطهران، من شأنها أن تنعش الآمال والرهانات، بقرب حدوث تقارب سعودي – تركي، يكفل ضرب إيران وتطويق نفوذها في سوريا أساساً، وهذا ما تقوله المصادر، أن أمير قطر قد بحث مع العاهل السعودي في جدة قبل يومين ... كما أن تطورات من هذا القبيل، ستؤخر فرص انتخاب رئيس للبنان، وربما تفتح الباب رحباً لانهيار منظومة الأمن والاستقرار الهشة في هذا البلد.

أما التحالف الدولي لمحاربة “داعش”، فالأرجح أنه سيتأثر بتداعيات هذا الخلاف، حيث سترتفع وتيرة الشروط والشروط المضادة التي ستتمسك بها كلا العاصمتين، لإبداء قدر أعلى من التعاون في الحرب على الإرهاب ... وسيتعين على الدبلوماسية الأمريكية، أن تسير وسط حقل ألغام شائك ومعقد، من أجل “تسيير أمور” حربها و”استراتيجيتها” في المنطقة.

omantoday

GMT 18:35 2025 الجمعة ,24 كانون الثاني / يناير

كيف ستكون علاقتنا مع ترمب؟

GMT 18:34 2025 الجمعة ,24 كانون الثاني / يناير

في ذكرى صاحب المزرعة

GMT 18:34 2025 الجمعة ,24 كانون الثاني / يناير

بين التسلط بالامتداد أو التسلط والانفراد

GMT 18:33 2025 الجمعة ,24 كانون الثاني / يناير

مناخر الفضول وحصائد «فيسبوك»

GMT 18:32 2025 الجمعة ,24 كانون الثاني / يناير

ترمب والداء الأوروبي الغربي

GMT 18:31 2025 الجمعة ,24 كانون الثاني / يناير

لبنان... امتحان التشكيل

GMT 18:30 2025 الجمعة ,24 كانون الثاني / يناير

القراءة والكتابة أولاً

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

ماذا وراء التردي المتسارع لعلاقات الرياض وطهران ماذا وراء التردي المتسارع لعلاقات الرياض وطهران



إطلالات ياسمين صبري وأسرار أناقتها التي تُلهم النساء في الوطن العربي

القاهرة ـ عمان اليوم

GMT 18:45 2025 الجمعة ,24 كانون الثاني / يناير

فساتين براقة تناسب السهرات الرومانسية على طريقة منة شلبي
 عمان اليوم - فساتين براقة تناسب السهرات الرومانسية على طريقة منة شلبي

GMT 18:42 2025 الجمعة ,24 كانون الثاني / يناير

ألوان ديكورات 2025 جريئة تُعيد تعريف الفخامة
 عمان اليوم - ألوان ديكورات 2025 جريئة تُعيد تعريف الفخامة

GMT 20:08 2025 الإثنين ,20 كانون الثاني / يناير

تطوير أدوية مضادة للفيروسات باستخدام مستخلصات من الفطر

GMT 16:04 2019 الخميس ,01 آب / أغسطس

تمتع بالهدوء وقوة التحمل لتخطي المصاعب

GMT 09:41 2019 الخميس ,01 آب / أغسطس

تعيش أجواء مهمة وسعيدة في حياتك المهنية
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

omantoday Omantoday Omantoday Omantoday
omantoday omantoday omantoday
omantoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
oman, Arab, Arab