طريق الحرير وقطار الشرق السريع

طريق الحرير وقطار الشرق السريع

طريق الحرير وقطار الشرق السريع

 عمان اليوم -

طريق الحرير وقطار الشرق السريع

مصطفى الفقي

كلما ادلهمت الأمور، ونظر المرء حوله يجد المخاطر تحيط بالمنطقة من كل اتجاه، بدءًا " داعش " و" بيت المقدس "، وصولاً إلى " الحوثيين "، حتى جماعة " بوكو حرام "، فالشرق العربى والشمال الأفريقى، بل الفضاء الدولى كله يحمل فى أحداثه اليومية نذر الخطر الداهم والقلق المستمر.

فى مثل هذه الظروف التى تتصف بالانحدار والتدهور تذهب الذاكرة بعيدًا إلى عصر كان فيه «طريق الحرير» يربط بين الشرق الأقصى والشرق الأدنى، ويفتح مسارًا للتواصل الحضارى الذى امتد لعدة قرون، وتسرح الذاكرة كذلك إلى بداية تحرك «قطار الشرق السريع» مع بداية ثمانينيات القرن التاسع عشر، وهو القطار الذى يعتبر شاهدًا على أهم أحداث المنطقة وأكثرها سخونة، بدءًا من السنوات الأخيرة فى حياة «الرجل المريض» واندلاع حربين عالميتين تخللهما سقوط آخر خلافة إسلامية تحت رايات العثمانيين، ولعل الأجيال المعاصرة تتذكر رواية الكاتبة البوليسية البريطانية «أجاثا كريستى» تحت عنوان (جريمة فى قطار الشرق السريع) وهى التى ظلت تعرض على المسرح فى «لندن» لأكثر من ربع قرن متصل.

إننى أقول ذلك الآن لكى أثبت أن بناء الحياة يعلو كثيرًا على «صناعة الموت»، فمنذ عقود قليلة كان الأجداد والآباء مشغولين بالتعمير والبناء، فى وقت لم يكن فيه «الإرهاب» قد تجذر فى أعماقنا، ولم يكن لديه حضور على أرضنا، ولعلى أطرح الآن الملاحظتين التاليتين:

أولاً: إن القرن التاسع عشر قد شهد إرهاصات التنوير فى المنطقة، بينما شهد القرن العشرين محاولات التحرر الوطنى لدولها بعدما تلقى العرب وعودًا زائفة من الحلفاء ليكتشفوا فى النهاية أنهم «قد اشتروا الترام» عندما وضعت الحرب العالمية الأولى أوزارها، إننا أمام مشهد حزين نقلنا من «ربيع الحضارة» بآدابها وفنونها وعلومها إلى خريف التدمير وذبح الرقاب وقطف الرؤوس، بحيث عادت أوضاعنا إلى عصور الظلام، وخرجنا من دائرة التقدم الذى كنَّا نسعى إليه والتحضر الذى كنَّا نستعد له، فأين هو الآن «طريق الحرير» الذى كتب عنه المستشرقون، واهتم به الرحالة عبر التاريخ؟ وأين هو «قطار الشرق السريع» الذى توقف منذ سنوات قليلة فقط؟ إن تأمل تطورات أوضاعنا ومتابعة ما جرى لنا يشجعنا على ولوج الطريق، ويعطينا القدرة على استشراف المستقبل.

ثانيًا: لا يختلف اثنان على أهمية دراسة «النظرية العامة للمعرفة» ودورها فى تقدم الشعوب ونهضة الأمم، على اعتبار أن ذلك يضيف للوطن لا أن ينتقص منه، ولايزال الجدل مستمرًا والنقاش مستعرًا بين الأطراف المتعددة حول البيئة السياسية التى تحيط بنا والطقوس الاجتماعية التى تفصل بيننا مؤمنين بأن مشكلات العالم العربى تتمثل فى الحوار الصامت بين الأجيال والذى أخذ شكلاً ملموسًا وتصاعديًا فى السنوات الأخيرة. إن جيلنا الذى عرف الإحباطات والإخفاقات يتطلع اليوم إلى مرحلة جديدة ينسلخ بها عن ماضيه وحاضره.

إن المشرق العربى والشمال الأفريقى يمران بمرحلة غير مسبوقة فى تاريخهما، فالإرهاب يطل برأسه مستهدفًا بعض العواصم العربية، أين نحن من عصور البناء والتشيييد، بدءًا من «الأهرام» مرورًا بحفر «قناة السويس الأولى» وصولاً إلى بناء «السد العالى»؟

إننا أمام تحدياتٍ جسام ومخاطر بلا حدود وأحزان كامنة فى صدور البشر.

تلك قراءة فى سنوات كانت فيها إرادة الحياة هى الأقوى، أما الآن فإن رائحة الموت هى التى تسود!!

omantoday

GMT 14:29 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

الثكنة الأخيرة

GMT 14:28 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

سوريا... هذه الحقائق

GMT 14:27 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

في أنّنا بحاجة إلى أساطير مؤسِّسة جديدة لبلدان المشرق

GMT 14:26 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

مخبول ألمانيا وتحذيرات السعودية

GMT 14:25 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

التاريخ والفكر: سوريا بين تزويرين

GMT 14:24 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

إنجاز سوريا... بين الضروري والكافي

GMT 14:22 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

ليبيا: لعبة تدوير الأوهام

GMT 14:21 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

عالية ممدوح

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

طريق الحرير وقطار الشرق السريع طريق الحرير وقطار الشرق السريع



إطلالات أروى جودة في 2024 بتصاميم معاصرة وراقية

القاهرة - عمان اليوم

GMT 13:56 2024 الثلاثاء ,17 كانون الأول / ديسمبر

نصائح سهلة للتخلص من الدهون خلال فصل الشتاء

GMT 16:04 2019 الخميس ,01 آب / أغسطس

تمتع بالهدوء وقوة التحمل لتخطي المصاعب

GMT 09:41 2019 الخميس ,01 آب / أغسطس

تعيش أجواء مهمة وسعيدة في حياتك المهنية

GMT 22:59 2019 الأحد ,15 أيلول / سبتمبر

اهتمامات الصحف الليبية الأحد
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

omantoday Omantoday Omantoday Omantoday
omantoday omantoday omantoday
omantoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
oman, Arab, Arab