مغرب 2030 فرص كبرى وتحديات حقيقية

مغرب 2030: فرص كبرى وتحديات حقيقية

مغرب 2030: فرص كبرى وتحديات حقيقية

 عمان اليوم -

مغرب 2030 فرص كبرى وتحديات حقيقية

بقلم - لحسن حداد

 

سؤال تطور الاقتصاد المغربي على مدى السنوات المقبلة يطرح نفسه بإلحاح منذ مدة. كيف سينمو في أفق 2030، وما بعدها؟ هل بنفس المستوى الذي دأب عليه منذ عقدين من الزمن، أي بنسبة لا تتعدى 4 في المائة، أم أنه سينمو بأكثر من ذلك، وبشكل مطرد، وعلى مدى عقد من الزمن على الأقل؟ هل يمكن وضع رؤية مستقبلية لمغرب 2030؟ وما الفرص المتاحة لمضاعفة الناتج الداخلي ليتعدى 300 مليار دولار في السنة؟ ما المخاطر التي قد تعترض سبيل هذا التطور في أفق سنة 2030؟ وماذا عن التدهور البيئي وتأثيره على نمط الحياة والاقتصاد؟ هل ستتقوى صلابة الساكنة المحلية، أم ستحاول إيجاد ملاذ لها في مدن تعرف اكتظاظاً متزايداً في الوقت الحاضر؟ فما بالك 6 سنوات من الآن؟

للإجابة عن هذه الأسئلة لا بد من استحضار الوضعية الحالية للاقتصاد المغربي والمالية العمومية، ومدى نجاعة الإصلاحات التي تم تبنيها إلى حد الآن، وكذا السيناريوهات المستقبلية الممكنة في علاقتها مع المخاطر والتحديات التي تواجه تطور ونمو الاقتصاد المغربي.

إذا ركزنا النظر على وضعية المالية العمومية بين عامي 2023 - 2024 نجد أن الأزمة ما زالت قائمة، ولكن تدخل الدولة قوي جداً كذلك. هذا ما يسمى بالمقاربة «المضادة للدورات». وقد همَّت الاستثمارات العمومية لمساعدة الفلاحين لمواجهة تداعيات أزمة الجفاف، والتدخل للتخفيف من عبء التضخم على القدرة الشرائية، عبر دعم النقل، وكذا تمويل سياسة تحلية المياه، والربط بين الأحواض وبناء السدود لمواجهة النقص الحاد في الماء. تكلفة زلزال الحوز وإعادة الإعمار والبناء تتطلب 12 مليار دولار على مدى 5 سنوات، جزء منها تم وضع الاعتمادات الخاصة بها في ميزانية 2024.

تُمكِّن المقاربة المضادة للدورات من التخفيف من وقْع الأزمة، وتعطي إمكانية الإقلاع السريع بعد اندثار أسبابها وسفول آثارها. ولكنّ وقْعَها يبقى نسبياً نظراً لمكامن الضعف الهيكلية التي تميز الاقتصاد المغربي، مثل تدني تنافسية المقاولة، والخجل المزمن للرأسمال الوطني، وضعف الحكامة الاقتصادية والمؤسساتية، وصلابة واستغلاق سوق الشغل، وفتور إدماج المرأة في سوق العمل، وارتفاع الفاتورة البيئية إلى ما فوق 3 في المائة من الناتج الداخلي الخام. لهذا، فالاقتصاد المغربي يتميز بصلابة لا بأس بها. ومع ذلك، فإن التحديات المزمنة تحُدُّ من قدرته على الإقلاع الحقيقي.

من جانب آخر، أعطت الإصلاحات السياسية على مرّ عقدين من الزمن نوعاً من الأمل والتعبئة لصالح التغيير. ولكن ما نلاحظه مؤخراً نوع من تقهقر الثقة في ما هو سياسي، وصعود نزعة شعبوية تغذيها فوضى رقمية قِوامُها الفايكنيوز والتحامل المجاني على ما هو سياسي، وتذمر كثير من الطبقات لأنها لا تحس بأنها جنَت ثمار الإصلاح على مستوى عيشها، ما يعني أن الإصلاحات الاقتصادية قد لا تجد السند السياسي اللازم لإنجاحها.

لهذا، فإن أي سياسة اقتصادية مستقبلية يجب أن تواكبها إصلاحات سياسية واجتماعية عميقة لخلق الشروط لإقلاع اقتصادي ينخرط فيه الجميع، ويؤسس لدخول المغرب نادي الدول الصاعدة مع حلول 2035. ومن شأن وضع منظومة متكاملة للتغطية الاجتماعية الشاملة، وهو مشروع يسهر عليه العاهل المغربي، تغيير المعادلة الاجتماعية تغييراً إيجابياً لا رجعة فيه. إنجاح إصلاح المنظومة التربوية عبر دعم شروط خلق مدرسة التميز والرفع من جودة التعليم ومردوديته، وتحسين جودة الخدمات الصحية والبنية التحتية العلاجية للرفع من جودة ونجاعة العرض الصحي، هما مشروعان يتوقف عليهما استكمال الدولة الاجتماعية الجديدة.

بالإضافة إلى الشروط السياسية والاجتماعية للإقلاع هناك إصلاحات اقتصادية ضرورية لتحقيق نمو كفيل بخلق الثروة وفرص الشغل وردم التفاوتات الاجتماعية والمجالية.

نجاح السياسات القطاعية في مجالات الفلاحة والصناعة والسياحة والانتقال الطاقي والانتقال الرقمي يقتضي حل مشكلة الماء والعقار بالنسبة للزراعة، وتقوية سلاسل الإنتاج ودعم المنتوج الوطني بالنسبة للصناعة، والاستثمار في جودة الخدمات ودعم المقاولة الصغيرة المتوسطة بالنسبة للسياحة، وإدماج الطاقات المتجددة في الشبكة الوطنية للكهرباء بالنسبة للانتقال الطاقي، والتوصل السريع إلى حكامة حقيقية عبر الرقمنة الشاملة. هذه أمور تبدو بسيطة وسهلة، ولكنها معقدة، وقد تأخذ وقتاً طويلاً. غير أن التحول الأساس في الاقتصاد المغربي يجب أن يحدث على مستوى الحكامة، حيث يتم تحييد جميع العوائق الإدارية التي تعرقل المبادرة الخاصة والاستثمار والنشاط الاقتصادي، في ظل سيادة حقيقية للقانون ووجود عدالة نزيهة وفعّالة، وتحديد حقيقي للأدوار في إطار منظومة عادلة للمسؤولية والمحاسبة. مشروع الحكامة أساسي ليحس المواطنون والمستثمرون بالأمن والأمان، ولضمان ثقة الجميع في دور المؤسسات، ولكي يتم تحرير الطاقات من أجل المساهمة في إقلاع اقتصادي حقيقي.

ويقتضي مشروع الحكامة تقوية المؤسسات والاستثمار في الرأسمال المؤسساتي ودعم دولة الحق والقانون وتقوية دور الأحزاب والبرلمان والمجتمع المدني والإدارة والجهات والجماعات الترابية. هذا بالإضافة إلى دعم وتمكين الحكامة الاقتصادية بتوخي الشفافية وضمان الوصول المتكافئ إلى المعلومة والتمويل والعقار، وضمان المنافسة الشريفة ومحاربة الرشوة والفساد، وتحرير السوق الاقتصادية من مظاهر الريع والمحسوبية والزبونية والاحتكار. كل هذا يسمى بالرأسمال المؤسساتي، ومن شأنه أن يساهم بشكل مباشر في الرفع من معدل النمو.

أضف إلى هذا ضرورة تحرير سوق الشغل وجعله أكثر مرونة من دون ضياع حقوق العمال، خصوصاً في إطار سَن سياسة التعويض عن فقدان الشغل، وذلك عبر التأسيس للتشغيل الذاتي، والشغل المؤقت، والتدريبات، وتحسين شروط الدخول والخروج، ودعم المرأة، واستغلال الذكاء الاصطناعي والثورة الرقمية من أجل خلق فرص جديدة، ودعم وتدريب الموارد البشرية وإعادة انتشارها.

ولكن التدبير الاستباقي للمخاطر التي تواجه المغرب ضروري أيضاً لإنجاح الإصلاح.

وأولها الحد من الإسراف المائي، وذلك عبر تحلية المياه والربط بين الأحواض وترشيد الاستعمال والمحافظة على الثروة المائية. ثانياً، تقوية صلابة تأقلم الساكنة المحلية مع التحولات البيئية. ثالثاً، مواجهة الشعبوية عبر إعادة الثقة في المؤسسات، وفي ما هو سياسي. رابعاً، إنجاح الجهود الدبلوماسية التي تهدف إلى تأكيد مغربية الصحراء ودعم الاندماج في المنطقة الأفريقية والعربية والتكامل مع اقتصاداتها. خامساً، تنويع الأسواق ودعم السوق الداخلية للتخفيف من الاعتماد على أوروبا. سادساً، إنجاح مشروعي إصلاح التعليم والصحة.

وأخيراً، التقليل من الفوارق الاجتماعية والمجالية عبر سياسة إرادية للتحويلات المباشرة وتركيز الاستثمار العمومي على المناطق البعيدة والمهمشة.

omantoday

GMT 14:29 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

الثكنة الأخيرة

GMT 14:28 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

سوريا... هذه الحقائق

GMT 14:27 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

في أنّنا بحاجة إلى أساطير مؤسِّسة جديدة لبلدان المشرق

GMT 14:26 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

مخبول ألمانيا وتحذيرات السعودية

GMT 14:25 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

التاريخ والفكر: سوريا بين تزويرين

GMT 14:24 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

إنجاز سوريا... بين الضروري والكافي

GMT 14:22 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

ليبيا: لعبة تدوير الأوهام

GMT 14:21 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

عالية ممدوح

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

مغرب 2030 فرص كبرى وتحديات حقيقية مغرب 2030 فرص كبرى وتحديات حقيقية



إطلالات أروى جودة في 2024 بتصاميم معاصرة وراقية

القاهرة - عمان اليوم

GMT 13:56 2024 الثلاثاء ,17 كانون الأول / ديسمبر

نصائح سهلة للتخلص من الدهون خلال فصل الشتاء

GMT 20:41 2020 السبت ,05 كانون الأول / ديسمبر

يوم مميز للنقاشات والاتصالات والأعمال

GMT 17:31 2020 الجمعة ,28 شباط / فبراير

يولد بعض الجدل مع أحد الزملاء أو أحد المقربين

GMT 14:50 2019 الثلاثاء ,02 إبريل / نيسان

حافظ على رباطة جأشك حتى لو تعرضت للاستفزاز

GMT 06:18 2019 الإثنين ,01 تموز / يوليو

تنتظرك أحدث سعيدة خلال هذا الشهر

GMT 22:59 2019 الأحد ,15 أيلول / سبتمبر

اهتمامات الصحف الليبية الأحد

GMT 12:27 2019 الخميس ,05 أيلول / سبتمبر

السعودية تستضيف نزال الملاكمة الأهم هذا العام

GMT 16:04 2019 الخميس ,01 آب / أغسطس

تمتع بالهدوء وقوة التحمل لتخطي المصاعب
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

omantoday Omantoday Omantoday Omantoday
omantoday omantoday omantoday
omantoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
oman, Arab, Arab