«آه لقيت الدغدغة»

«آه لقيت الدغدغة»

«آه لقيت الدغدغة»

 عمان اليوم -

«آه لقيت الدغدغة»

بقلم:سوسن الشاعر

على وزن أغنية الجسمي «لقيت الطبطبة» فإن هناك كثيرين من جماهيرنا العربية لهم مشاعر سهلة الانقياد وسهلة الإقناع، وبالتالي سهلة الدغدغة، فلا تحتاج للكثير كي تتمكن من دغدغة مشاعرها والحصول على تصفيق حار ونيل الإعجاب منها.

تلك ظاهرة تستحق التمعن فيها ودراسة العقل الجمعي لها، فالخطاب الرائج جماهيرياً والأكثر تداولاً بين جماهيرنا العربية الآن هو ذلك الخطاب الذي يلوم ويؤنب الأنظمة العربية، ويتهمها بالتخاذل والتهاون، بل الخيانة ضد إخوتنا الفلسطينيين، ومما يؤسف له أن يجد مثل ذلك الخطاب أذناً عربية صاغية واستحساناً ورواجاً!

بالنسبة لجماهيرنا، فإن الأنظمة العربية متهاونة، لأنها لم تعلن الحرب على إسرائيل بعد 7 أكتوبر (تشرين الأول) ولم توسع نطاق الصراع مع إسرائيل وتمده إلى دولها، وهذه خطيئة تعدّها الجماهير للأنظمة العربية، تسببت في وصمها بالعار وبالخيانة والعمالة، يكفي أن يكون خطابك مليئاً بجلد الذات العربية ومداعبة الضمير الذي يتعذب نتيجة عجزه عن مساعدة إخوانه في غزة، فتضمن له الرواج والانتشار، تضع فيه اللوم على الأنظمة، فتثير حالة من الحنق والتذمر ضدها، وهو المطلوب، فتشعر أيها المتلقي بالارتياح، وتكتفي بهذه الدغدغة، ظناً منك أن القصة انتهت هنا.

الغريب أن هذا العقل الجمعي لا يدرك أنه ليس القصد من هذا الخطاب راحة ضميرك بدغدغة مشاعرك فحسب، بل المقصود هو خلق حالة التذمر العربية وتوسيع الفجوة بين المواطن العربي ونظامه السياسي بإقناعه بأنه يعيش تحت مظلة نظام «مقصر» في خدمة عروبته ودينه، وإقناعه بالتالي بأن محور المقاومة هو الوحيد الذي ثأر للشرف العربي!

المقصود هو ألا تبحث وتتقصى عن حقيقة تلك الأنظمة العربية من القضية الفلسطينية، فقد ساعدك هذا الخطاب على أن تلقي باللائمة عليهم، من غير إدراك أنك تلقي باللائمة على أنظمة توفر الرفاهية والنمو الاقتصادي لمواطنيها، وأنظمة تنشغل بك كمواطن وتتحمل مسؤوليتك ومسؤولية ابنائك من بعدك، موفرة لهم بيئة آمنة ومستقبلاً زاهراً، أنظمة لا تفكر في أن تقحمك في حرب تعرف كيف تشعلها، إنما لا تعرف كيف توقفها، كما فعل النظام الإيراني بمحور المقاومة، ويحاول الآن جاهداً أن يبعد النار عنه، ويبتعد عن الصراع الذي أشعله بعد أن دفع ميليشياته لتدخل فيه دون أن يخبرها كيف ومتى وأين سيخرجهم منه.

خطاب يجعلك تصدق أن الأنظمة التي تعيش في كنفها لم تقدم يد العون للفلسطينيين وخذلتهم فاستسغت جلدهم والإذعان لخطاب الذل والهوان الذي أقنعوك أنك تستحقه.

دغدغة لا يراد منها التنفيس، إنما يراد منها الغضب، ويراد منها الحنق والتذمر، بالرغم من سذاجة منطقه، وبالرغم من عدم استناده لمعطيات واقعية، وبالرغم من عدم اجتهاده في إسناد حجته بالبراهين والحجج، إلا أنه - كأي خطاب عاطفي - يلقى رواجاً وازدهاراً وقبولاً عند النفس اللوامة العربية، التي اعتادت أن تشتكي وتتذمر وتتذرع بالعجز والهوان.

دغدغة لم تكلف نفسها بالبحث عن المواقف والدور الحقيقي لتلك الأنظمة التي تلومها وتتحسب عليها، وهي مواقف تاريخية دفعت من أجلها أرواحاً وأموالاً ومصالح حقيقية، مواقف قدّمت الدعم الذي بسببه استطاعت الملايين الفلسطينية أن تصمد إلى الآن، سواء باستضافتها في دولها أو بتقديم الدعم لها في أرضها المحتلة، أفعال لا أقوال، وحقائق لا ادعاءات، وشواهد ترى بالعين المجردة، يكفيك ما تقدمه المملكة العربية السعودية والإمارات والكويت والبحرين للمواطنين. تكفي قصة «الفارس الشهم 3» الذي أوصلت به دولة الإمارات ماء الشرب للنازحين في رفح، حين كان القصف يطاردهم من مكان لمكان، حين جازف الشباب الإماراتي بحياته على الحدود، وحين مدّ آلاف الأنابيب، ومحطة تحلية لمياه الشرب، كي يساعد إخوانه الفلسطينيين. وقصص الفروسية والشهامة العربية كثيرة، لا تعد ولا تحصى، تقف وراءها تلك الأنظمة التي تنعتها بالتخاذل، ألا تدغدغ تلك القصص الإنسانية مشاعرنا، أم أن مشاعرنا لا تتدغدغ إلا حين نجلد ذاتنا؟ حقاً إنها ظاهرة تستحق الفهم.

 

omantoday

GMT 20:15 2025 الإثنين ,14 إبريل / نيسان

ثلاثة مسارات كبرى تقرّر مستقبل الشّرق الأوسط

GMT 20:12 2025 الإثنين ,14 إبريل / نيسان

لا تعزية حيث لا عزاء

GMT 20:11 2025 الإثنين ,14 إبريل / نيسان

حطب الخرائط ووليمة التفاوض

GMT 20:10 2025 الإثنين ,14 إبريل / نيسان

خرافات العوامّ... أمس واليوم

GMT 20:08 2025 الإثنين ,14 إبريل / نيسان

لماذا فشلت أوسلو ويفشل وقف إطلاق النار؟

GMT 20:08 2025 الإثنين ,14 إبريل / نيسان

الخصوصية اللبنانية وتدوير الطروحات المستهلكة

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

«آه لقيت الدغدغة» «آه لقيت الدغدغة»



تنسيقات مثالية للنهار والمساء لياسمين صبري على الشاطيء

القاهرة ـ عمان اليوم

GMT 21:21 2020 الثلاثاء ,30 حزيران / يونيو

شؤونك المالية والمادية تسير بشكل حسن

GMT 18:09 2020 الجمعة ,28 شباط / فبراير

تتخلص هذا اليوم من الأخطار المحدقة بك

GMT 17:31 2020 الجمعة ,28 شباط / فبراير

يولد بعض الجدل مع أحد الزملاء أو أحد المقربين

GMT 17:00 2020 الجمعة ,28 شباط / فبراير

التفرد والعناد يؤديان حتماً إلى عواقب وخيمة

GMT 19:12 2020 الخميس ,28 أيار / مايو

يبشّر هذا اليوم بفترة مليئة بالمستجدات

GMT 23:46 2020 الأحد ,06 كانون الأول / ديسمبر

تمرّ بيوم من الأحداث المهمة التي تضطرك إلى الصبر

GMT 04:28 2020 الإثنين ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

حظك اليوم برج الأسد الاثنين 2 تشرين الثاني / نوفمبر 2020

GMT 21:30 2020 الثلاثاء ,30 حزيران / يونيو

تعيش ظروفاً جميلة وداعمة من الزملاء

GMT 19:31 2021 الإثنين ,01 شباط / فبراير

تحقق قفزة نوعية جديدة في حياتك

GMT 16:52 2020 السبت ,05 كانون الأول / ديسمبر

تستفيد ماديّاً واجتماعيّاً من بعض التطوّرات

GMT 04:32 2020 الإثنين ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

حظك اليوم برج العذراء الاثنين 2 تشرين الثاني / نوفمبر 2020

GMT 21:26 2020 الثلاثاء ,30 حزيران / يونيو

كن قوي العزيمة ولا تضعف أمام المغريات

GMT 09:01 2020 الجمعة ,30 تشرين الأول / أكتوبر

حظك اليوم الجمعة 30 أكتوبر / تشرين الأول لبرج الاسد

GMT 09:21 2020 الجمعة ,30 تشرين الأول / أكتوبر

حظك اليوم الجمعة 30 أكتوبر / تشرين الأول لبرج الميزان

GMT 15:59 2019 الأربعاء ,01 أيار / مايو

تواجهك عراقيل لكن الحظ حليفك وتتخطاها بالصبر
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

omantoday Omantoday Omantoday Omantoday
omantoday omantoday omantoday
omantoday

Pearl Bldg.4th floor, 4931 Pierre Gemayel Chorniche,Achrafieh, Beirut- Lebanon.

Beirut Beirut Lebanon