الحالة الطاووسية

الحالة الطاووسية

الحالة الطاووسية

 عمان اليوم -

الحالة الطاووسية

بقلم:سوسن الأبطح

التصور في إسرائيل أن «حزب الله»، خلال أسبوع واحد فقط، تلقى ضربة ساحقة، بـ«غزوة البيجرات» التي أصابت 4 آلاف شخص، ثم قُطع رأسه، باغتيال أمينه العام حسن نصر الله، وتهلهل جسده بقتل قادته. ويشبّه أحد المحللين الإسرائيليين هذه «الإنجازات العظيمة» بما حققته دولته في حرب 1967 عندما قضت على الطائرات العربية في قواعدها قبل أن تتمكن من الانطلاق. يومها ربحت إسرائيل الحرب، وعاشت خلالها في ازدهار وأمن لم يعكرهما سوى الانتفاضتين المعروفتين، وتم وأدهما بوعود السلام الكاذبة.

على وقع النصر الجديد، انتفخ نتنياهو، واحتفل بالقضاء على الخصم، حتى كاد ينفجر غطرسة وجبروتاً، وحوّل اسم عمليته في لبنان من «سهم الشمال» وهدفها تحطيم «حزب الله» وإعادة مستوطنيه، إلى «تغيير النظام في الشرق الأوسط»، وبات بمقدوره أن يطلق غزوه البري، شاهراً خرائطه التوسعية، التي لم نعد نعرف فيها لإسرائيل حدوداً. وبدأت جمعيات المستوطنين الترويج لشراء شقق تطل على الثلج في قمم الجبال والمروج في جنوب لبنان، بعد استعادتها باعتبارها الأرض الموعودة. وفي الإعلان: «لنواصل (قضم) جنوب لبنان ومنع سكانه من العودة. أسهموا بحدوث ذلك، انضموا إلينا».

حملة تلتقي مع خطط نواب ووزراء في الحكومة، وما صرح به المتحدث باسم الحكومة الإسرائيلية إن «نهر الليطاني هو حدود إسرائيل الشمالية».

والحالة هذه من الطاووسية عمل نتنياهو بكل ما أوتي من خبث لاستفزاز إيران، وإهانتها بقتل رئيس المكتب السياسي لـ«حماس» إسماعيل هنية في عقر دارها، ظناً منه أنها منهكة، وأنها لن تردّ، بانتظار انقضاء الانتخابات الأميركية. وفي انسجام مع هذا الرأي، قال النائب السابق لقائد فرقة غزة عميد أمير أفيفي: «ما فعلته إسرائيل في 7 أيام بـ(حزب الله) يستطيع التحالف بقيادة الولايات المتحدة أن يفعله في إيران في 3 أيام».

عكس التوقعات، ردّت إيران بـ200 صاروخ، أصابت بعض القواعد، مسجلة سابقة تاريخية، لم ترَ إسرائيل مثيلاً لها، بينما إسرائيل التي كانت في غمرة النشوة والاستعداد لاجتياح لبنان برياً وجدت نفسها تتلقى الصواريخ من السماء، ويتوجب عليها الرد.

في لبنان، حسابات الحقل قد لا تلاقي حسابات البيدر، فما أن أطلت القوات البرية الإسرائيلية برأسها على الحدود، حتى قتل 14 جندياً وجرح 50، واجتمعت قيادة الأركان لتقييم الخطط. لا ندري ما هي القوة الفعلية المتبقية لـ«حزب الله»، كما لا نعرف ما هي الترسانة الإيرانية، ولا فاعلية الخطط الإسرائيلية، وماذا ستفعل إن صدّ الهجوم البري غير أن تدمّر لبنان على رؤوس ساكنيه؟!

بعد سنة على «طوفان الأقصى»، سوء التقدير كان كارثة على كل الأطراف، يحيى السنوار قاد هجومه يوم 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023، معتمداً على عدم قدرة إسرائيل على خوض حرب طويلة، واضطرارها للتفاوض من أجل استعادة 250 رهينة. تبين أن إسرائيل تتخلى عن رهائنها، بل على استعداد لأن تقتلهم، وتخوض معارك تفقد فيها مئات الجنود، ولا يرفّ لها جفن. وتوقع «حزب الله» أن ما أسماها «حرب المشاغلة» ستبقى على نطاقها الحدودي، لأن إسرائيل لا يمكنها أن تحارب على جبهات عدة. فإذ بأميركا تصبح شريكة بكل ثقلها، لأنها كما قال أوبير فيدرين، وزير خارجية فرنسا السابق: «تَعدّ اليهود أميركيين، والفلسطينيين الهنود الحمر».

راهن نتنياهو على تجويع الفلسطينيين، وذبحهم، كي يدفعهم للرحيل، أو الانتفاض على «حماس»، فما كان منهم إلا أن نشروا صور جثث قتلاهم وأشلاء أطفالهم، وجعلوا سمعة إسرائيل أسوأ من مصاصي الدماء. وبدل أن يجد نهاية لتراجيديا غزة، قرر أن يستكمل المجزرة، ويفتح لها فرعاً آخر في لبنان. وكنا نظن أن «حزب الله» هو الذي يصرّ على ربط الجبهات، فإذا بنتنياهو ينافسه، ويجعل الصور الدموية المنشورة في كل من الجبهتين نسخة واحدة، لا تستطيع أن تميز بينها.

منذ 1982 وإسرائيل تغزو لبنان لتغيير المعادلات. وفي كل مرة، تستنبت عدواً أكثر شراسة وتصميماً. «نجح نتنياهو في توحيد كل أهل المنطقة حول ثقافة الحقد، وأشعل حرباً عبثية»، قال دومينيك مويزي، الباحث في الجامعة الإسرائيلية المفتوحة، وابنه مجند على جبهة غزو لبنان، مذكراً أن 60 في المائة من مقاتلي «حزب الله» قضى آباؤهم أو أحد أفراد عائلاتهم في حرب مع إسرائيل.

حلُم نتنياهو أن يقف في الذكرى السنوية الأولى لـ«طوفان الأقصى» منتشياً، ماسحاً عن وجهه مهانة 7 أكتوبر، قد يكون تبدد، والنصر الكبير الذي ظن أنه حصده، لم يعد أكيداً. هذه حرب مفاجآت، وكل يوم تحمل صدمة تنسيك ما حصل قبلها.

أما زلتم تتذكرون المذابح المستمرة في غزة؟

 

omantoday

GMT 14:29 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

الثكنة الأخيرة

GMT 14:28 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

سوريا... هذه الحقائق

GMT 14:27 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

في أنّنا بحاجة إلى أساطير مؤسِّسة جديدة لبلدان المشرق

GMT 14:26 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

مخبول ألمانيا وتحذيرات السعودية

GMT 14:25 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

التاريخ والفكر: سوريا بين تزويرين

GMT 14:24 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

إنجاز سوريا... بين الضروري والكافي

GMT 14:22 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

ليبيا: لعبة تدوير الأوهام

GMT 14:21 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

عالية ممدوح

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الحالة الطاووسية الحالة الطاووسية



إطلالات أروى جودة في 2024 بتصاميم معاصرة وراقية

القاهرة - عمان اليوم

GMT 13:56 2024 الثلاثاء ,17 كانون الأول / ديسمبر

نصائح سهلة للتخلص من الدهون خلال فصل الشتاء

GMT 20:41 2020 السبت ,05 كانون الأول / ديسمبر

يوم مميز للنقاشات والاتصالات والأعمال

GMT 17:31 2020 الجمعة ,28 شباط / فبراير

يولد بعض الجدل مع أحد الزملاء أو أحد المقربين

GMT 14:50 2019 الثلاثاء ,02 إبريل / نيسان

حافظ على رباطة جأشك حتى لو تعرضت للاستفزاز

GMT 06:18 2019 الإثنين ,01 تموز / يوليو

تنتظرك أحدث سعيدة خلال هذا الشهر

GMT 22:59 2019 الأحد ,15 أيلول / سبتمبر

اهتمامات الصحف الليبية الأحد

GMT 12:27 2019 الخميس ,05 أيلول / سبتمبر

السعودية تستضيف نزال الملاكمة الأهم هذا العام

GMT 16:04 2019 الخميس ,01 آب / أغسطس

تمتع بالهدوء وقوة التحمل لتخطي المصاعب
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

omantoday Omantoday Omantoday Omantoday
omantoday omantoday omantoday
omantoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
oman, Arab, Arab