إسرائيل تخشى الانتحار

إسرائيل تخشى الانتحار

إسرائيل تخشى الانتحار

 عمان اليوم -

إسرائيل تخشى الانتحار

بقلم:سوسن الأبطح

لم يعد الكلام على «التدمير الذاتي» الإسرائيلي، شاغل العرب المتفائلين، بل صرت تقرأ عنه في «نيويورك تايمز» و«هآرتس» و«تايمز أوف إسرائيل»، ويحذّر منه دبلوماسيون غربيون كبار، تعزّ عليهم وليدتهم المدللة، ويخشون فقدانها.

وليس آخر السيل كتاب رئيس تحرير «هآرتس» ألوف بن، «تدمير إسرائيل لنفسها: نتنياهو... الفلسطينيون وثمن الإهمال» الذي في كتابه ينعى دولته، ولا يرى مَخرجاً متاحاً، لا بإقامة دولة واحدة ولا دولتين. ورغم موضوعيته في التحليل وقراءته الثاقبة، لا يقترح حلاً سوى ملاطفة الفلسطينيين ومعاملتهم بقليل من اللين.

ونتنياهو بإجرامه، كما ألوف بن بموضوعيته، فإن الإسرائيليين بمختلف فئاتهم، يشعرون بكارثة الطريق المسدود، ولا سبيل أمامهم سوى مواصلة الإبادة أو استراحة محارب قبل حرب جديدة. وبدلاً من إيقاف مجازر غزة، تمنى نتنياهو أن تُفتح جبهة مع لبنان، وإن لم تتيسر فلتكن جهنم الجديدة في الضفة.

تباهت «الوكالة اليهودية» بأنها جلبت 70 ألف مهاجر إلى إسرائيل خلال عقد من الزمن، وكانت تستعد للإتيان بمزيد من البشر والاستثمارات التي بلغت حداً قياسياً. فقد سجلت إسرائيل ناتجاً محلياً وصل إلى 55 ألف دولار للفرد متفوقة على ألمانيا وبريطانيا عام 2022، بفضل الاستقرار، وتدفّق المهاجرين، ورؤوس الأموال.

لكن الخطوط البيانية انعكست سلباً وبشكل سريع ومتدحرج بعدما صوَّت البرلمان الإسرائيلي في يوليو (تموز) عام 2023 على إجراء الإصلاح القضائي الذي تريده حكومة نتنياهو. تلك كانت نقطة الفصل. بعدها، عبّر ما يقرب من 30 في المائة من السكان عن رغبتهم في مغادرة إسرائيل، وكثيرون بدأوا باستصدار جوازات أوروبية، أو استعادتها. من بين هؤلاء ثلاثة آلاف طبيب، ونخبة تكنولوجية.

رأى المؤرخ الإسرائيلي إيلان بابيه أن إسرائيل كانت على شفا انفجار وربما انهيار، عندما وقعت عملية «طوفان الأقصى»، وأُجبر الإسرائيليون على التماسك والتضامن، لمواجهة عدوهم المشترك. لكن في المقابل، ثمة أعداد كانت مترددة في الهجرة حزمت أمتعتها ومشيت على عجل. ورغم تستر السلطات الإسرائيلية على أعداد المهاجرين، وتذرعها بصعوبة إحصائهم، فإن الرقم الأكثر تواضعاً يشير إلى نصف مليون شخص، وثمة من يقول إنه يصل إلى المليون. أي يكاد يقارب عدد الفلسطينيين الذين هُجّروا في نكبة 1948.

استطلاع جديد للرأي يُظهر أن واحداً من كل أربعة يهود إسرائيليين، وأربعة من كل عشرة عرب إسرائيليين سيهاجرون إلى دولة أخرى، إذا أتيحت الفرصة.

المشكلة ليست في العدد، بل في النوعية. فالمهاجرون هم الأكثر تعليماً، والأوفر ثروة، ويرفضون العيش في دولة ديكتاتورية، يحكمها متطرفون متدينون. لهذا يخشى محبو إسرائيل من نزيف العلمانيين واليساريين، والشباب والأثرياء، الذين تعتمد عليهم إسرائيل لبناء واجهتها وسمعتها، وتنمية السياحة. هؤلاء يصنعون ازدهارها، غالبيتهم آتون من أوروبا، أسَّسوا وحكموا، وها هي الفئة التي عُدَّت درجة ثانية تقوم بانقلاب عليهم.

سيبقى، والحالة هذه، المتطرفون والفقراء الذين يزعمون أن ديانتهم تمنعهم من العمل أو الانخراط في الجيش، ويكرسون حياتهم للدعاء والإنجاب، وحلب موارد الدولة بأجور، لا يؤدون أي خدمة مقابلها. فئة ستمارس مزيداً من العنصرية والعنف، وستجد الحكومات الغربية التي تحميهم اليوم، صعوبةً أكبر في الدفاع عن سلوكياتهم الممجوجة، وجرائمهم المقززة، وتصريحاتهم المنفّرة.

وتحاول إسرائيل أمام واقع يزداد وعورة، أن تخيف يهود العالم من ارتفاع معدلات العداء للسامية، لتعكس الأرقام دون جدوى. فالمشكلة تتجاوز الديمغرافيا، لتصبح اقتصادية، وهذا أصعب.

كتب دان بيري، المتخصص في الشؤون الإسرائيلية، على موقع «ثي هيل» أن العلمانيين بعضهم يغادرون بالفعل، و«يفكر آخرون في تقسيم إسرائيل إلى دولتين؛ دولة علمانية ليبرالية، ذات أغلبية يهودية ساحقة، على طول الساحل من تل أبيب إلى حيفا، ودولة دينية قومية في كل مكان آخر، حرّة في الشجار مع الفلسطينيين. وسوف يكون توزيع السكان متساوياً تقريباً إذا بلغ عدد سكان كل منهما خمسة ملايين نسمة، ولكن من الصعب أن نرى كيف يمكن الدفاع عن أي منهما».

وهذا ما يفتح باب السؤال حول احتمال اندلاع حرب أهلية، يتحدث عنها بعض الكتّاب وكنا نراها بعيدة، ولكن، هل حقاً أن ما حدث في غزة أخَّر الانفجار الإسرائيلي الداخلي أم أخمده؟ فالمجتمع الإسرائيلي أبعد ما يكون عن التجانس. مجموعات من بلدان شتى، وعادات متباينة، تتشابه في الدين (وليس دائماً)، وتختلف في كل شيء آخر.

ومن جملة التحذيرات، رسالة كتبها 130 من كبار رجال الأعمال والمال، وقَّعها كبار المسؤولين الماليين السابقين ووزارات حكومية وبنك إسرائيل، حذروا جميعهم من انعكاسات كارثية لإعفاء اليهود المتشددين من التجنيد، بسبب نموهم المرتفع، وأعدادهم المتزايدة، مما سيجعل العديد ممن يتحملون العبء الاقتصادي يفضلون الهجرة من إسرائيل على إعالة هؤلاء.

فهل حقاً بمقدور إسرائيل أن تصمد أمام تحدياتها الداخلية، ولكم من الوقت؟

omantoday

GMT 14:29 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

الثكنة الأخيرة

GMT 14:28 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

سوريا... هذه الحقائق

GMT 14:27 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

في أنّنا بحاجة إلى أساطير مؤسِّسة جديدة لبلدان المشرق

GMT 14:26 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

مخبول ألمانيا وتحذيرات السعودية

GMT 14:25 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

التاريخ والفكر: سوريا بين تزويرين

GMT 14:24 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

إنجاز سوريا... بين الضروري والكافي

GMT 14:22 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

ليبيا: لعبة تدوير الأوهام

GMT 14:21 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

عالية ممدوح

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

إسرائيل تخشى الانتحار إسرائيل تخشى الانتحار



إطلالات أروى جودة في 2024 بتصاميم معاصرة وراقية

القاهرة - عمان اليوم

GMT 13:56 2024 الثلاثاء ,17 كانون الأول / ديسمبر

نصائح سهلة للتخلص من الدهون خلال فصل الشتاء

GMT 20:41 2020 السبت ,05 كانون الأول / ديسمبر

يوم مميز للنقاشات والاتصالات والأعمال

GMT 17:31 2020 الجمعة ,28 شباط / فبراير

يولد بعض الجدل مع أحد الزملاء أو أحد المقربين

GMT 14:50 2019 الثلاثاء ,02 إبريل / نيسان

حافظ على رباطة جأشك حتى لو تعرضت للاستفزاز

GMT 06:18 2019 الإثنين ,01 تموز / يوليو

تنتظرك أحدث سعيدة خلال هذا الشهر

GMT 22:59 2019 الأحد ,15 أيلول / سبتمبر

اهتمامات الصحف الليبية الأحد

GMT 12:27 2019 الخميس ,05 أيلول / سبتمبر

السعودية تستضيف نزال الملاكمة الأهم هذا العام

GMT 16:04 2019 الخميس ,01 آب / أغسطس

تمتع بالهدوء وقوة التحمل لتخطي المصاعب
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

omantoday Omantoday Omantoday Omantoday
omantoday omantoday omantoday
omantoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
oman, Arab, Arab