أخبرنى أحدُ العارفين طفلُكِ اختاركِ

أخبرنى أحدُ العارفين: طفلُكِ اختاركِ!

أخبرنى أحدُ العارفين: طفلُكِ اختاركِ!

 عمان اليوم -

أخبرنى أحدُ العارفين طفلُكِ اختاركِ

بقلم: فاطمة ناعوت

أخبرنى أحدُ العارفين طفلُكِ اختاركِ
بقلم: فاطمة ناعوت

«..وحين أصيرُ ملاكًا/

سوف أهبطُ ذاتَ مساء/

أنزعُ من جسد طفلى زهرةَ التوحّد/

وأنثرُ الكلماتِ على لسانه/

حتى يصيرَ الصمتُ/

أشعارًا... قصائدَ».

هذا «عيدُ الأضحى» المبارك، أعاده اللهُ على الأمّة الإسلامية والبشرية جمعاء، بالرغد والأمان. وهذا عيدُ الميلاد الثانى لابنى المتوحّد «عمر»، بعد كسره شرنقة العُزلة وخروجه منها إلى صخب الحياة.

00:00
% Buffered
00:00 / 01:20

Copy video url
Play / Pause
Mute / Unmute
Report a problem
Language
Share
Vidverto Player

المقطع الشعرى فى صدر المقال، كان واحدًا من مئات زفرات الوجع التى كان قلبى يكتبُها بمداد اليأس وأنا أرى السنوات تمرُّ دون أن يرغب ابنى فى الكلام أو الانخراط فى عالمنا. وشاء الله أن يمنحنى أثمن هداياى من فيض كرمه فى مثل هذه الأيام من «عيد الأضحى» ٢٠٢٢، ودون مقدمات، بدأ ابنى بهدوء يغادر عزلتَه محاولا الخروج إلينا ومشاركتنا العالم. استجاب اللهُ لدعائى وكسر «عمر» شرنقة العُزلة الاجتماعية، وبدأ التحليق مثل فراشة ملوّنة فوق أعناق زهور الحياة، يرتشفُ من شذاها معارفَ وأغانىَ وكلماتٍ وخبراتٍ جديدة. ومع كل جديد يتعلّمُه، يلهجُ لسانى بشكر الله، ويخفقُ قلبى فرحًا ورجاءً فى وجه الله الأكرم الذى لا تنفدُ هداياه، ولا تجفُّ أنهارُ عطائه. ومنذ لحظة انطلاقه الأولى بدأتُ أركضُ معه أسابقُ الزمنَ حتى نُعوَِّضَ ما فاتنا، وهو كثيرٌ.

عزلة ابنى داخل كهف التوحد فوّتت عليه خبراتِ خمسة وعشرين عامًا، علينا تعويضها فى أقصر وقت ممكن! كيف هذا؟! لا أدرى! ولا ينبغى لى أن أدرى، أو حتى أن أسأل. لأن السؤال فى ذاته ينطوى على التعجيز والقنوط واليأس. لو توقفتُ لحظة عن الركض، لكى أسأل: (كيف أصلُ؟!!) بالتأكيد لن أصل. نحن علينا السعى، والله وحده يرسم خطّة النجاح. سمعتُ «نداء عمر» يطلبُ الحياةَ، فكان علىّ الركضُ بأقصى سرعة. هذا واجبى وشغفى، كـ«أمٍّ»، لشاب موهوب أتعلّم منه كل يوم قيمة جديدة وجمالا.

أخبرنى أحد العارفين أن «كل طفل متوحد»، قبل مجيئه العالم، يختارُ أمَّه بنفسه. لأنه يدرك، وهو فى عالم الغيب، حجم المسؤولية الهائلة التى ستُلقى على عاتق من ستكون أمَّه. لهذا فهو يختارُ سيدةً تليق بها هذه المسؤولية!، هذا ما أقوله لكل أمٍّ مثلى حين يضربها القنوطُ، لكى تعرف أنها مميزة عن غيرها من نساء العالم. فهى «مُختارةٌ» لحمل هذا المجد. وأخبرنى كذلك أحدُ العارفين، أن الله تعالى قد اختار «عيد الأضحى» تحديدًا لكى يكسر فيه «عمر» شرنقة التوحد، لأنه نفس اليوم الذى ملأ صدرى اليقينُ بأننى مغادرةٌ هذا العالم. فمنحنى الله «الفداء»، يوم الفداء، وأهدانى حياةً جديدة لأستكمل رحلتى مع ابنى.

أشكرُ اللهَ على نعمه التى لا تُعدُّ ولا تُحصى. أشكره على نعمة وجود «عمر» فى الحياة ليمنحنى منتهى الفرح والتعلّم. ثم أشكره على أن سمح أخيرًا بخروجه من شرنقة العزلة. أشكرك ربى كما ينبغى لجلال وجهك، ووافر عطائك.

صار ابنى الجميل «عمر» يحيا اليوم حياةً «شبه» طبيعية. يأكل طعامًا صحيًّا حاشدًا بالخضروات العضوية والبروتين الصحى، خاليًا تماما من «الجلوتين» بفضل خبز جوز الهند وخبز اللوز الذى يُخبز له خصيصًا، وخاليا من «الكازيين» بفضل لبن اللوز وجوز الهند، وصار يذهب إلى النادى كل يوم ليمارس السباحة والجرى والباسكيت وركوب الخيل والدراجات والباتيناج. وعاد إلى شغفه القديم المهجور، فصار يرسم لوحة جديدة كل يوم، بألوان الباستيل والجواش والأكواريل. وصار يرافقنى إلى عشقه الأعظم: «دار الأوبرا» والمسارح والسينمات ولقاءات الأصدقاء. وصار يتفاعل مع الناس ويحاول أن يكسر حوائط الجليد التى كانت تفصل بينه وبين العالم. صار يشاركنا الطعام بعدما كان يأكل وحيدًا. وأخذت لغتُه التفاعلية ومخارج ألفاظه وطريقة نطقه للكلمات تتحسن يومًا بعد يوم بعد صمت دام لأكثر من ربع قرن. ومازلتُ أنتظر كل يوم معجزة جديدة يهديها اللهُ لى من فيض كرمه.

اللهم اشفِ كلَّ مريض، وانصر كلَّ مظلوم، وكُفّ كلَّ ظالم، وارحم موتى العالمين. اللهم احمِ أولادنا من كل سوء، واكتب لبلادنا الأمن والسلام والرغد. وكل عيد أضحى وأنتم طيبون.

 

omantoday

GMT 14:29 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

الثكنة الأخيرة

GMT 14:28 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

سوريا... هذه الحقائق

GMT 14:27 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

في أنّنا بحاجة إلى أساطير مؤسِّسة جديدة لبلدان المشرق

GMT 14:26 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

مخبول ألمانيا وتحذيرات السعودية

GMT 14:25 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

التاريخ والفكر: سوريا بين تزويرين

GMT 14:24 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

إنجاز سوريا... بين الضروري والكافي

GMT 14:22 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

ليبيا: لعبة تدوير الأوهام

GMT 14:21 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

عالية ممدوح

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

أخبرنى أحدُ العارفين طفلُكِ اختاركِ أخبرنى أحدُ العارفين طفلُكِ اختاركِ



إطلالات أروى جودة في 2024 بتصاميم معاصرة وراقية

القاهرة - عمان اليوم

GMT 13:56 2024 الثلاثاء ,17 كانون الأول / ديسمبر

نصائح سهلة للتخلص من الدهون خلال فصل الشتاء

GMT 20:41 2020 السبت ,05 كانون الأول / ديسمبر

يوم مميز للنقاشات والاتصالات والأعمال

GMT 17:31 2020 الجمعة ,28 شباط / فبراير

يولد بعض الجدل مع أحد الزملاء أو أحد المقربين

GMT 14:50 2019 الثلاثاء ,02 إبريل / نيسان

حافظ على رباطة جأشك حتى لو تعرضت للاستفزاز

GMT 06:18 2019 الإثنين ,01 تموز / يوليو

تنتظرك أحدث سعيدة خلال هذا الشهر

GMT 22:59 2019 الأحد ,15 أيلول / سبتمبر

اهتمامات الصحف الليبية الأحد

GMT 12:27 2019 الخميس ,05 أيلول / سبتمبر

السعودية تستضيف نزال الملاكمة الأهم هذا العام

GMT 16:04 2019 الخميس ,01 آب / أغسطس

تمتع بالهدوء وقوة التحمل لتخطي المصاعب
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

omantoday Omantoday Omantoday Omantoday
omantoday omantoday omantoday
omantoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
oman, Arab, Arab