مدرستى الجميلة cgc ١١٠ أعوام من المجد ١
أخر الأخبار

مدرستى الجميلة CGC... ١١٠ أعوام من المجد (١)

مدرستى الجميلة CGC... ١١٠ أعوام من المجد (١)

 عمان اليوم -

مدرستى الجميلة cgc ١١٠ أعوام من المجد ١

بقلم: فاطمة ناعوت

هذى مدرستي/ وهذى فصولُ طفولتي/ وهذا فى عمقِ الزمان/ حنينُ الذكريات:/ ترانيمُ شدوناها فى كنيستنا/ وآياتٌ من الذكرِ الحكيمِ/ تلوناها فى رحاب مسجدي/ ذاك قربانٌ من سنابل قمح مصر/ خبزتْهُ أيادى الراهباتِ/ على دفءِ القلوبِ الطيبة/ تقاسمه أطفالٌ يعرفونَ الحبَّ/ وقطائفُ من ليالى رمضانَ البهيةِ/ رششناها بشهدِ المحبة/ وسكاكرِ العهدِ النقىِّ/ تخاطفتها أيادى الصغار./ هذى مدرستى الجميلةُ وقد غدتْ/ حصنًا من حصونِ العلمِ/ ترنو العيونُ إلى جواهر مجدها/ هذا العَلَم/ فوق سارية الفَخَار/ يحيا الوطن/ وتحيا مصرُ الماجدة./ هذى مدرستى/ هنا تعلّمتُ أن اللهَ/ يسكنُ فى قلوبِ الطيبين/ وأن الملائكةَ تغنّى/ إذ نُغنّى/ وأنها تبكى قَطرَ المطر/ حين يضربنا الحَزَن/ وتفردُ جناحيها لتحمى طفلاً يوشكُ أن يقع./ يا شجرةَ التوتِ العتيقة/ أشرقى/ أورقى/ كى نختلس/ من جودِ أغصانِك الخُضر/ وريقاتٍ ناضراتٍ/ نُطعِمُ بها ديدانَ الحرير./ هذى مدرستى الأنيقة/ وتلك حيطانُ فصولِها/ على مقاعدها نهلنا العلومَ/ ومن خلاقِ معلمينا/ تعلمنا القِيَم.

هذى كلماتُ قصيدتى التى ألقيتُها أمس الأول فى احتفال مدرستى الجميلة: «كلية البنات القبطية-CGC»، بعيد ميلادها العاشر بعد المائة، أمام مديرة المدرسة، ووفد رفيع المستوى من وزارة التربية والتعليم، والشخصيات العامة، بتشريف قداسة البابا المثقف «الأنبا تواضروس الثانى»، الذى ألقى كلمة بديعةً غاية الجمال والعمق؛ قال فيها إن الأدبيات تقول إن «الثروات والكنوز مخبأة فى باطن الأرض»، لكن الحقيقى أن «الثرواتِ والكنوزَ مخبآتٌ بين جدران الفصول». وتكلّم مطولا عن تميّز مصر وتفوّقها على جميع دول الأرض لحيازتها سبع حضارات مختلفة، وهذا ثراءٌ لا يضاهيه ثراء. ثم تكلّم عن عراقة مدرستى، فهى واحدةٌ من أعرق المدارس التى انتبهت إلى حتمية تعليم البنات فى تاريخ مصر. ١١٠ أعوام من التعليم الرفيع والتنشئة التربوية الراقية، تخرجت منها فتياتٌ غدون من رموز المجتمع المصرى، منهنّ: «د. فرخندة حسن»، «د. ليلى تكلا»، الفنانة «نبيلة عبيد»، الإعلامية «نجوى إبراهيم»، وأفخرُ أننى واحدة ممن تخرجن من هذه المدرسة البهية، التى تعلّمتُ فيها رفيع العلوم وجميل الخُلق.

غالبنى الدمعُ وأنا أرنو إلى الفصول التى تنقّلتُ بينها طفلةً صغيرة، وخفق قلبى وأنا أشهدُ عَلَمَ المدرسة الذى كنتُ أقفُ تحت ساريته أهتفُ: «تحيا جمهورية مصر العربية»، «اسلمى يا مصرُ إننى الفِدا». دُعيتُ كضيف شرفٍ إلى عشرات الحفلات فى المدارس داخل مصر وخارجها، لكن زيارة مدرستى القديمة بعد عقود من مغادرتها إلى كلية الهندسة، ثم إلى الحياة، كان لها مذاقُ الشجن العميق الذى يُجرى الدموعَ فى القلب والعينين، حنينًا وذكرى.

وكأنه بالأمس فقط. مازلتُ أذكرُ يومى الأول بمدرستى الجميلة التى نحتفل اليوم بإشعال ١١٠ شمعات فى كعكة ميلادها. المدرسة التى قضيتُ فيها أجمل أيام طفولتى، وتعلّمتُ فيها القيمَ الرفيعة التى كانت وسوف تظلُّ عماد حياتى. كلما مرَّ بخاطرى هذا اليوم البعيد، اختلطت فى أنفى روائحُ وألوانٌ: الديسكات الملونة بالروز والأزرق والأخضر، مع روائح الشجر الأخضر المغسول الذى يُطلُّ علينا من شباك الفصل، وثمار التوت على الشجرة العتيقة التى كنّا نتسلقها لكى نجمع أوراق التوت لنُطعم «دود القزّ» فى صناديق الورق المقوى، والكشك الأخضر الواسع الذى كان ملاذنا للجلوس والراحة بعد الركض واللعب فى الفسحة، مع رائحة رمل الحوش المُندّى بالمطر، والشاهد على شقاواتنا ومشاكساتنا مع الدادات الطيبات اللواتى كنّ، بكل حبٍّ، يستوعبن كوارثنا الصغيرة، حين نخرّب كل النظام الذى صنعنه فى الصباح الباكر، فيتحول مع نهاية اليوم إلى فوضى.

أتذكّرُ بكل حبٍّ: ميس «فريدة» ذات الوجه الهادئ الحزين التى تشبه «فاتن حمامة» فى وداعتها، ميس «عايدة» النشطة التى كانت ترفع شعرها للأعلى فى كعكة كورية وتتحرك فى خطوات سريعة وتشبه «سونغ هاى كيو»، ميس «سهام» التى تقصُّ شعرها «آلا جرسون» وتشبه «أودرى هيبورن»، ميس «سوزان» معلمة الحساب الجميلة التى تشبه «إليزابيث تيلور»، ميس «راشيل» معلّمة الإنجليزى، التى كانت تشبه الملكة «حتشبسوت» فى شموخها وشعرها الأسود الفاحم المقصوص «كاريه»، وطولها الفارع ووجهها الجامد الذى قلّما يبتسم، والقميص الأبيض المكوى، والجيب الأسود «الساك»، والشراب الڤوال البيج والحذاء الأسود إنجليزى الطراز ذى الكعب العريض القصير. كنتُ أراهُن جميعًا مثل ربّات الأساطير الإغريقية. فهن يحملن مشعلَ «العلم والمعرفة» وفى رؤوسهن مكتبات الدنيا وموسوعات التاريخ والعلوم. إذا ابتسمن فى وجوهنا، فنحن بخير وعلى الطريق القويم، وإن مرّت سحابةُ غضب على وجوههن فنحن بالتأكيد قد حِدنا عن الطريق القويم والويلُ لنا. وتأكد لى أن المعلمة «كائنٌ خرافى» خارجة من أساطير التاريخ بسبب هذه الواقعة الطريفة التى سوف أقصُّها عليكم فى مقالى يوم الخميس القادم بإذن الله. كل عام ومدرستى فى أعلى العُلا.

 

omantoday

GMT 23:27 2025 السبت ,05 إبريل / نيسان

كيف يمكن استقبال الجديد؟

GMT 23:26 2025 السبت ,05 إبريل / نيسان

ماذا ستقول “الحركة” لأهل غزّة؟

GMT 23:24 2025 السبت ,05 إبريل / نيسان

خولة... لا سيف الدولة

GMT 23:23 2025 السبت ,05 إبريل / نيسان

انتصارُ أميركا على الحوثي لا يكفي

GMT 23:22 2025 السبت ,05 إبريل / نيسان

عُشَّاقُ المُتَنَبّي... وورثةُ جنائنِه!

GMT 23:21 2025 السبت ,05 إبريل / نيسان

أميركا وإيران... سياسة «حافة الهاوية»

GMT 23:19 2025 السبت ,05 إبريل / نيسان

وزارة تشبه سوريا

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

مدرستى الجميلة cgc ١١٠ أعوام من المجد ١ مدرستى الجميلة cgc ١١٠ أعوام من المجد ١



إطلالات هدى المفتي تجمع بين الأناقة العصرية والبساطة

القاهرة - عمان اليوم

GMT 12:27 2019 الخميس ,05 أيلول / سبتمبر

السعودية تستضيف نزال الملاكمة الأهم هذا العام

GMT 09:41 2019 الخميس ,01 آب / أغسطس

تعيش أجواء مهمة وسعيدة في حياتك المهنية

GMT 16:04 2019 الخميس ,01 آب / أغسطس

تمتع بالهدوء وقوة التحمل لتخطي المصاعب

GMT 22:59 2019 الأحد ,15 أيلول / سبتمبر

اهتمامات الصحف الليبية الأحد

GMT 02:18 2016 الإثنين ,18 إبريل / نيسان

كيف تختار مدرسة تتناسب مع قدرات ابنك ؟

GMT 21:21 2016 الثلاثاء ,19 إبريل / نيسان

كيف تُساعدين طفلك على التخلص من الخوف ؟

GMT 14:50 2019 الثلاثاء ,02 إبريل / نيسان

حافظ على رباطة جأشك حتى لو تعرضت للاستفزاز
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

omantoday Omantoday Omantoday Omantoday
omantoday omantoday omantoday
omantoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
oman, Arab, Arab