إحدى خوالد الدكتور «بدر عبد العاطى»

إحدى خوالد: الدكتور «بدر عبد العاطى»

إحدى خوالد: الدكتور «بدر عبد العاطى»

 عمان اليوم -

إحدى خوالد الدكتور «بدر عبد العاطى»

بقلم: فاطمة ناعوت

بعد نشر مقالى: «خالد العنانى.. صوت مصر الحضارى فى اليونسكو» الخميس الماضى، هنا فى مساحتى بجريدة «المصرى اليوم»، وإشارتى العابرة إلى الدبلوماسى العظيم الدكتور «بدر عبد العاطى»، «وزير الخارجية والهجرة وشؤون المصريين بالخارج»، الذى شرّفنى القدرُ بأن أكون شاهدةَ عيان على أحد مواقفه الخالدة أيام بروز أنياب الإرهاب الأسود الذى خلّفه سقوطُ الإخوان عن مصر فى ٢٠١٣، وصلتنى عديدُ الرسائل والمهاتفات من القراء والشخصيات العامة يطلبون منى سرد تفاصيل الحكاية التى جرت وقائعُها فى إبريل ٢٠١٤، وهى مجرد حكاية واحدة من مواقفَ مُشرقة خالدة لا حصر لها، قدّمها للوطن هذا الفارسُ الجسور د. «بدر عبد العاطى» الذى جمعت شخصيتُه بين الدبلوماسية الأكاديمية الرصينة وروح الإنسانية العميقة، فلم يكن وحسب واجهة مصر الرسمية المثقفة فى الساحات الدولية، بل صوت مصر الرصين الذى يحمل ثقلَها التاريخى الهائل. خلف حضوره الهادئ، تختبئ شخصيةٌ مهيبة تتمتع برؤية متزنة، قادرة على نسج لغة الحوار والتفاهم بين الثقافات المختلفة للشعوب.

عام ٢٠١٤، كرّمنى الزمانُ بأن أكون طرفًا صغيرًا فى موقف جسور، يرسمُ خطًّا واحدًا من وجه هذا الدبلوماسى المصرى الذى حرص طوال تاريخه الممتد لربع القرن على سلامة المصريين وكرامتهم خارج وطنهم؛ فى أشدّ اللحظات عُسرًا وظلامًا وقسوة.

نشرتُ تفاصيلَ تلك الواقعة الخالدة فى جريدة «المصرى اليوم» فى مقالين: أحدهما بتاريخ ٧ إبريل ٢٠١٤، بعنوان «النبلاءُ يُنقذون رعايانا فى ليبيا»، والآخر بتاريخ ١٧ أغسطس ٢٠١٥، بعنوان «الفارسُ: بدر عبد العاطى»، وأعيد قصّ تلك الخالدةَ اليومَ، نزولا على طلب مَن فاتتهم متابعةُ المقالين، قبل عشر سنوات.

يوم ٢٦ مارس ٢٠١٤، أرسل لى مواطنٌ مصرى رسالة استغاثة مريرة عن شقيقه «رومانى طلعت سامى»، وخمسة من أقربائه يعملون فى ليبيا فى مجال المعمار. حاولوا العودة إلى مصر بعد تدهور الأحوال واستقواء «داعش» فى مدينة «سِرت» الليبية. لكن رحلتهم أُلغيت بعد تفجيرات «مطار طرابلس». وبعد سطو الإرهابيين على أموالهم وهواتفهم وجوازات سفرهم، استحالت عودتهم للوطن جوًّا أو برًّا، وتملك منهم الرعبُ من احتمالية تكرار مذبحة المسيحيين المصريين السبعة التى وقعت فى ليبيا فى فبراير ٢٠١٤. حكى لى الشقيقُ الهَلِعُ عن أمهاتٍ لا تجف دموعُهن، ينتحبن رعبًا على أبنائهن، وسألنى إن كان بوسعى عمل شىء.

اتصلتُ فورًا بالسفير د. «بدر عبد العاطى»، وكان وقتئذ يشغلُ منصبَ «المتحدث الرسمى باسم الخارجية المصرية». وبعد دقائق من حديثى معه، هاتفنى سفيرُنا المصرى لدى ليبيا د. «محمد أبو بكر»، الذى كان يباشر أعماله من القاهرة مؤقتًا، بعد حوادث اختطاف الدبلوماسيين المصريين فى ليبيا. دقائقُ أخرى، ووصلتنى رسالةٌ جديدة من الشقيق، تخبرنى بأن السفارة المصرية فى طرابلس قد اتصلت بشقيقه ورفقته، وطلبوا منهم التوجه مباشرة لمطار طرابلس، ليجدوا فى انتظارهم مندوبًا من السفارة المصرية لتيسير إجراءات السفر إلى مصر. وظللتُ على قلق مثل أمهات أولئك «الشهداء المُحتملين»، حتى وصلتنى الرسالةُ الطيبة الأخيرة التى انتظرتُها بوجلِ الُمترقّبِ وأمله: «أكتبُ لكِ من مطار القاهرة. شقيقى ورفاقه وصلوا بالسلامة إلى أرض الوطن. شكرًا أستاذة فاطمة». وفى مؤتمر أقامته نقابةُ الصحفيين المصريين فى تلك الأيام الصعبة، أعلن د. «بدر» رقم هاتفه على الملأ لكى يتواصل معه أىُّ مصرى مأزوم يتعذر عليه الوصول إلى سفاراتنا بالخارج!. وفى أوائل ٢٠١٥ استأجرت الخارجيةُ المصرية أماكنَ على طائرات وسفن أمريكية وروسية لاستعادة المصريين المحتجزين فى اليمن مع بداية حرب «عاصفة الحزم» ضد الحوثيين. هكذا يكون المسؤولُ، «المسؤولُ» الذى يعرفُ أن أرواح بنى الوطن أمانةٌ ثقيلة، يُسألُ عنها أمام الله وأمام ضميره. تلك واحدةٌ من مئات الخوالد التى قدّمها الدكتور «بدر عبد العاطى» لمصر والمصريين، والتى لا يحدث مثلها إلا فى دول تحترم قيمة الإنسان، وتكتبُ على جواز سفر أبنائها: «جيشُ الدولة وأساطيلُها يتحركان من أجل هذا المواطن». ساعاتٌ قليلة فصلت بين استغاثة مواطن يتهيأ للقب «شقيق الشهيد»، ورسالة فرحة تقول: «شقيقى وصل سالمًا إلى أرض الوطن».

والحقُّ أن التاريخَ المشرّف والمشرقَ للدبلوماسى النبيل «بدر عبد العاطى» لا يستوعبه مجلّدٌ ثقيلٌ، مُوشّاةٌ سطورُه بالنور، منذ بدأ مسيرته الدبلوماسية عام ١٩٩١، مُلحقًا فى الخارجية المصرية، ثم مديرًا لشؤون فلسطين عام ٢٠٠٧، ثم شؤون أوروبا عام ٢٠١٢، ثم المتحدث الرسمى باسم الخارجية المصرية عام ٢٠١٣، ثم سفيرنا المصرى فى ألمانيا ٢٠١٥- ٢٠١٩، ثم سفيرًا فوق العادة فى بلجيكا ٢٠٢١-٢٠٢٤، ثم وزيرًا للخارجية المصرية والهجرة من يوليو ٢٠٢٤، ليكون خيرَ خلفٍ لخير سلفٍ لسابقه العظيم الدكتور «سامح شكرى»، الدبلوماسى الفذّ. شكرًا لكل مسؤول محترم يؤدى واجبه بتحضّر ونبالة، من أجل خدمة مصر وأبنائها فى الداخل والخارج.

 

omantoday

GMT 20:06 2025 الثلاثاء ,21 كانون الثاني / يناير

ترامب في البيت الأبيض... رجل كل التناقضات والمفاجآت!

GMT 20:05 2025 الثلاثاء ,21 كانون الثاني / يناير

شرور الفتنة من يشعلها؟!

GMT 20:04 2025 الثلاثاء ,21 كانون الثاني / يناير

الإسلام السياسي.. تَغيُّر «الجماعات» و«الأفكار»

GMT 20:03 2025 الثلاثاء ,21 كانون الثاني / يناير

هل سيكفّ الحوثي عن تهديد الملاحة؟

GMT 20:02 2025 الثلاثاء ,21 كانون الثاني / يناير

برّاج في البيت الأبيض

GMT 20:01 2025 الثلاثاء ,21 كانون الثاني / يناير

المخرج الكوري والسعودية: الكرام إذا أيسروا... ذكروا

GMT 20:00 2025 الثلاثاء ,21 كانون الثاني / يناير

الاستعلاء التكنوقراطي والحاجة إلى السياسة

GMT 19:58 2025 الثلاثاء ,21 كانون الثاني / يناير

مخاطر مخلفات الحروب

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

إحدى خوالد الدكتور «بدر عبد العاطى» إحدى خوالد الدكتور «بدر عبد العاطى»



أحلام بإطلالات ناعمة وراقية في المملكة العربية السعودية

الرياض ـ عمان اليوم

GMT 19:14 2025 الثلاثاء ,21 كانون الثاني / يناير

البحرية السلطانية العُمانية تستقبل دفعة من الجنود المستجدين
 عمان اليوم - البحرية السلطانية العُمانية تستقبل دفعة من الجنود المستجدين

GMT 20:08 2025 الإثنين ,20 كانون الثاني / يناير

تطوير أدوية مضادة للفيروسات باستخدام مستخلصات من الفطر

GMT 16:04 2019 الخميس ,01 آب / أغسطس

تمتع بالهدوء وقوة التحمل لتخطي المصاعب

GMT 09:41 2019 الخميس ,01 آب / أغسطس

تعيش أجواء مهمة وسعيدة في حياتك المهنية

GMT 22:59 2019 الأحد ,15 أيلول / سبتمبر

اهتمامات الصحف الليبية الأحد

GMT 12:27 2019 الخميس ,05 أيلول / سبتمبر

السعودية تستضيف نزال الملاكمة الأهم هذا العام

GMT 05:13 2023 الخميس ,21 كانون الأول / ديسمبر

سيطر اليوم على انفعالاتك وتعاون مع شريك حياتك بهدوء
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

omantoday Omantoday Omantoday Omantoday
omantoday omantoday omantoday
omantoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
oman, Arab, Arab