إلى أين يتجه العالم في ظل تصاعد موجات الإرهاب

إلى أين يتجه العالم.. في ظل تصاعد موجات الإرهاب؟

إلى أين يتجه العالم.. في ظل تصاعد موجات الإرهاب؟

 عمان اليوم -

إلى أين يتجه العالم في ظل تصاعد موجات الإرهاب

زين العابدين الركابي

رأينا مواطنين أميركيين كثرا يهرعون إلى المطارات اليمنية لمغادرة ذلك البلد بناء على نصيحة حكومتهم في واشنطن.. وهذا الإجراء جزء من مشهد عام، وهو أن الولايات المتحدة الأميركية قد قررت إغلاق سفاراتها في نحو 20 دولة في المنطقة.. والسبب في ذلك كله هو أن معلومات خطرة توافرت لدى الجهات الأمنية العليا في أميركا تفيد بأن إرهابيين (وعلى رأسهم تنظيم القاعدة) سيشنون حملات إرهابية ضد مصالح أميركية وغربية (بوجه عام). ومن هنا سلكت دول أوروبية مسلك أميركا في أخذ الاحتياطات، وإغلاق السفارات. ومن ناحية واقعية، ترسم وقائع كثيرة خرائط متنوعة يتبدى فيها تزايد الإرهاب سعة وحدة وتعقيدا؛ ففي ليبيا، يبدو الإرهاب وكأنه سيد الموقف، إذ إنه بعد موجة ما سمي بـ(الربيع العربي) لم تعد هناك دولة مركزية مستقرة ومقتدرة في ليبيا، بدليل العدوان المتكرر على أكثر من سفارة غربية.. والاغتيالات السياسية المتتابعة.. وانتشار السلاح في أيدي ميليشيات قررت أن تأخذ حقها بيدها، وبالقرب من ليبيا هناك تونس التي جعل منها الإرهاب بيئة جديدة لعملياته وتحركاته واتصالاته «!!!».. ففي تونس صعود نكد للمد الإرهابي، وهو صعود تمثل في صور شتى، منها الاغتيالات السياسية، والدخول في مواجهات دامية مع الجيش التونسي في جبل الشعانبي وغيره، وهي حال استدعى ردعها تنسيقا ميدانيا بين الجيشين؛ التونسي والجزائري.. وعلى الرغم من أن التونسيين مشغولون بأمر معايشهم وهموم أخرى، فإن ذلك لم يشغلهم عن رفع صوتهم عاليا من أجل وضع (استراتيجية وطنية لمكافحة الإرهاب).. وفي العراق، لا يزال الإرهاب (يتفنن) في التفجير والقتل والتدمير (على مدار اليوم تقريبا). وفي باكستان، وعلى الرغم من التوسع في استراتيجية الطائرات من دون طيار التي تستهدف الإرهابيين في باكستان وأفغانستان، وعلى الحدود بينهما، لا تزال معدلات الإرهاب في تزايد، وهي ظاهرة أدت إلى سوء تفاهم عميق بين باكستان والولايات المتحدة.. وليس يدري الطرفان كيف تُحل هذه المعضلة؟ وفي نيجيريا كلما قال الناس إن منظمة (بوكو حرام) قد هدأت، صبّحت هذه المنظمة الناس أو مسّتهم بفعلة إرهابية مرعبة. والحال في الصومال لا يخفى على أحد يتابع ويعقل، وفي مصر كثر الحديث عن إرهاب يضرب في سيناء. ولقد تنبأ السيناتور الأميركي (ماكين) بأن مصر مقبلة على حمام دم! نسأل الله أن يقي مصر شرور هذا التنبؤ. ما هذا الذي يجري في العالم؟ وما مستقبل البشرية في ظل هذا الجنون الإرهابي؟ وهل تتكرر الخيبة الأولى في مكافحة الإرهاب.. ونعني بـ(الخيبة الأولى) تلك الجهود الوطنية والدولية التي بذلت عقب أحداث 11 سبتمبر عام 2001 في مكافحة الإرهاب. ثم ما أسباب الخيبات؟ هذا سؤال جوهري، لا نحسب أن العالم سيستطيع مكافحة الإرهاب بنجاعة ونجاح دون الجواب الواضح الأمين عنه. إن أعتى عقبة في فشل علاج كل معضلة الإغضاء أو الزوغان عن الأسباب الحقيقية العميقة.. مثلا: لقد قيل كلام كثير جدا عن أن من أعظم أسباب الإرهاب (غياب الديمقراطية)، وأنه بمجرد انتشار الديمقراطية سيزول أهم سبب للإرهاب!! حيث إن حرية التعبير ستفرغ الاحتقان المكنون. وهذا تسبيب سطحي لمشكلة عميقة، بدليل أن ليبيا وتونس دخلتا في نادي الديمقراطية بعد أسطورة (الربيع العربي)، بيد أن الإرهاب يضرب في البلدين بقسوة، ولو كانت الديمقراطية تعني اجتثاث أهم سبب للإرهاب لما قامت النازية في ألمانيا، ولا الفاشية في إيطاليا، ولا الألوية الحمراء في إيطاليا أيضا، ومفجرو المبنى الاتحادي في أوكلاهوما سيتي، ولا جماعة الحقيقة المطلقة في اليابان.. فهذا الإرهاب وُجد في بيئات ديمقراطية. بل إن الكاتب الأميركي يوجين روبنسون ذهب أبعد منا؛ إذ لاحظ أن شعارات الديمقراطية التي تخللت (الربيع العربي) قد هيأت مناخا إضافيا للإرهاب. يقول روبنسون (في مقال له نشرته جريدة «الشرق الأوسط» بتاريخ 7/ 8/ 2013). يقول: «لعب الربيع العربي دورا في هذا من خلال إحداث فجوات في السلطة يمكن أن تستغلها العناصر (الجهادية) المسلحة المعادية للغرب.. لقد هيأ الربيع العربي فرصة لهذه العناصر عبر نواح في المنطقة.. هناك فرع نشط لتنظيم القاعدة الآن في ليبيا، حيث شن مسلحون هجوما على القنصلية الأميركية في بنغازي عام 2012. وهناك فرع لتنظيم القاعدة غزا شمال مالي، قبل أن يتم كسره بتدخل فرنسي». وثمة سبب آخر لظاهرة الإرهاب، ركز عليه سياسيون وباحثون وإعلاميون، على حين أنها أسباب سطحية كذلك. وهذه التسبيبات الخاطئة كانت بمثابة التشخيص الخاطئ للمرض الذي لا يصلح أن ينبني عليه علاج. وإذ نقضنا التسبيبات الخاطئة، فإنه من حق الناس أن يسألوا: وما الأسباب العميقة وراء ظاهرة الإرهاب؟ والجواب هو: 1 - إن (أصل) الإرهاب ومنبعه هو (فكر)؛ فكر شرير يملي على أصحابه هدم العالم لكي تتاح لهم فرصة بنائه من جديد على أسس أفضل!! ولذلك أجرينا - منذ سنوات - دراسة عن هذا الموضوع ظهرت في كتاب عنوانه (الأدمغة المفخخة).. والكتاب كله شرح لفكرة محددة، وهي أن كل جريمة إرادية تقع على الأرض مسبوقة (بالضرورة) بفكرة شريرة في الدماغ. ذلك أن الفكر الشرير هو الجريمة في طورها غير المرئي، وأن الجريمة هي الصورة المادية للفكر الشرير المستتر في تلافيف الدماغ. ومن خصائص هذا الفكر المنحرف الشرير أنه يطبع أصحابه بطابع التعصب المطلق والأعمى له، فلا يسمح لهم باختيار أي خيار آخر للإصلاح يكون خاليا من العنف والإرهاب.. ولقد ناقشت واحدا من أكابرهم في وسائل أخرى، كالتربية والتعليم والتثقيف، فسخر من ذلك!! فقضية الإرهاب - من ثم - هي قضية فكرية في المقام الأول. 2 - السبب الثاني: عجز القيادات السياسية في العالم عن حل المشكلات والأزمات التي يتخذها الإرهاب ذرائع وقرائن لرفع معدلات المصداقية لفكره الشرير.. وليس في هذا تسويغ - قط - للإرهاب، فليس هناك في هذا الوجود أي ذريعة من أي نوع تسوغ هذا الحمق والسفه والجنون وخسة الإجرام، وليس من حق أحد أن يحول (التفسير) إلى تسويغ أو (تبرير)!! 3 - تنوع جنسيات الإرهابيين وسهولة تنقلهم بالتالي. 4 - الذهول المرعب عن (الآثار الجانبية) للقرارات الذي يظن أصحابها أنها صائبة.. لقد أسقط الحلف الأطلسي نظام معمر القذافي بالتعاون مع قيادات ليبية.. ولكن هل دُرست - بجدية - الآثار الضارة لهذا القرار؟ لا يبدو الأمر كذلك، بدليل أن ليبيا نفسها تحولت إلى بيئة منتجة للإرهاب وحاضنة له، واسألوا إن شئتم أهل تونس، وأهل مالي ومن حولهم وسيجيبونكم بأن ليبيا أصبحت مركزا إقليميا لتدريب الإرهابيين، وتصدير السلاح من كل نوع.. طبعا لسنا نأسف على ذهاب معمر القذافي، فلا أسف إنسانيا ولا كونيا على هلاك الطغاة «فما بكت عليهم السماء والأرض وما كانوا منظرين». وإنما المراد (ها هنا) الدعوة القوية إلى دراسة الأعراض الجانبية الضارة لكل قرار، بذات الجدية والمسؤولية التي يدرس بها متن القرار نفسه، في هذا الموضوع وغيره. لئلا يكون مثل أصحاب القرار كمثل التي نقضت غزلها من بعد قوة أنكاثا. 5 - تطور تقنيات وسائل الاتصال التي يستغلها الإرهابيون - عبر العالم - في تجنيد أناس جدد، وفي التنسيق بين فصائلهم، وفي إضعاف أثر جهود الحكومات الرامية لمكافحتهم، ولا سيما أن عصابات ترويع البشرية (أي الإرهابيين) قد اجتذبت إلى صفوفها شرائح من ذوي المؤهلات العالية في الاتصال والكيمياء، والفيزياء، والكهرباء، وفي تقنيات أخرى، متنوعة الوظيفة والأداء... إلخ. وخاتمة مهمة، وهي أنه من عزائم مكافحة الإرهاب الامتناع التام عن اللعب معه بهذه الحجة أو تلك. فمن يلعب مع الثعابين لا يأمن نفثها أو عضها القاتل.

omantoday

GMT 14:29 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

الثكنة الأخيرة

GMT 14:28 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

سوريا... هذه الحقائق

GMT 14:27 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

في أنّنا بحاجة إلى أساطير مؤسِّسة جديدة لبلدان المشرق

GMT 14:26 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

مخبول ألمانيا وتحذيرات السعودية

GMT 14:25 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

التاريخ والفكر: سوريا بين تزويرين

GMT 14:24 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

إنجاز سوريا... بين الضروري والكافي

GMT 14:22 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

ليبيا: لعبة تدوير الأوهام

GMT 14:21 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

عالية ممدوح

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

إلى أين يتجه العالم في ظل تصاعد موجات الإرهاب إلى أين يتجه العالم في ظل تصاعد موجات الإرهاب



إطلالات أروى جودة في 2024 بتصاميم معاصرة وراقية

القاهرة - عمان اليوم

GMT 13:56 2024 الثلاثاء ,17 كانون الأول / ديسمبر

نصائح سهلة للتخلص من الدهون خلال فصل الشتاء

GMT 20:41 2020 السبت ,05 كانون الأول / ديسمبر

يوم مميز للنقاشات والاتصالات والأعمال

GMT 17:31 2020 الجمعة ,28 شباط / فبراير

يولد بعض الجدل مع أحد الزملاء أو أحد المقربين

GMT 14:50 2019 الثلاثاء ,02 إبريل / نيسان

حافظ على رباطة جأشك حتى لو تعرضت للاستفزاز

GMT 06:18 2019 الإثنين ,01 تموز / يوليو

تنتظرك أحدث سعيدة خلال هذا الشهر

GMT 22:59 2019 الأحد ,15 أيلول / سبتمبر

اهتمامات الصحف الليبية الأحد

GMT 12:27 2019 الخميس ,05 أيلول / سبتمبر

السعودية تستضيف نزال الملاكمة الأهم هذا العام
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

omantoday Omantoday Omantoday Omantoday
omantoday omantoday omantoday
omantoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
oman, Arab, Arab