عزل الأزمة السورية وثلاثة أشهر دموية

عزل الأزمة السورية وثلاثة أشهر دموية

عزل الأزمة السورية وثلاثة أشهر دموية

 عمان اليوم -

عزل الأزمة السورية وثلاثة أشهر دموية

علي الأمين

يقبع المشهد السوري اليوم مابين ادارة الأزمة السورية من جهة، وادارة العلاقة الثنائية بين الدول المنخرطة في المواجهة المباشرة او غير المباشرة من جهة ثانية. فشبكة المصالح القوية بين تركيا وروسيا، بين تركيا وايران، و بين ايران وروسيا واسرائيل وروسيا، وحتى بين السعودية والولايات المتحدة الاميركية، لا تخل بتصعيد الصراع في سورية، اذ أنّ ما ينطبق على الاراضي السورية من مواجهات مباشرة او بالواسطة بين مختلف هذه الاطراف، لايخلّ بشروط العلاقة الثنائية بين هذه الدول.

ففي سورية اليوم ليس من خندقين دوليين او اقليميين متقابلين وجبهتين متراصتين، تصطف مجموعة من الدول في هذا الخندق ومجموعة اخرى في الخندق المقابل، نحن امام شبكة عنكبوتية تتموضع فيها القوى ضمن علاقات متشابكة، وتنظيم داعش ينطبق عليه ماينطبق على بقية القوى ضمن هذه الشبكة المرعية من اطراف دولية واقليمية، حيث تتداخل في هذا التنظيم عناصر متباينة فشروط الحرب في العراق تفرض تصادم او تقارب مع هذا التنظيم، لاتنطبق على جبهة القتال في سورية. بمعنى ان اعداء داعش في العراق قد يكونون حلفاء موضوعيين لها في سورية.

هذه الشبكة العنكبوتية لم تزل تحت الرعاية الاميركية، وتتطور من خلال سياسة التغافل و"قبّ الباط"، في انتظار استنزاف مختلف القوى المتدخلة الذي قد يفتح ابواب التسوية المغلقة بسبب السقوف العالية للأطراف الاقليمية والمحلية. ففي مسار التدخل الروسي في سورية، يبدو الموقف الاميركي رافضاً له نظرياً، لكن غير معترض عمليا بل منشرح لاي تورط روسي في مواجهة العرب والمسلمين السنة. فيما وزير الدفاع الاميركي قال ان "روسيا سرعان ما ستخسر من تدخلها العسكري في سورية". 3 اشهر هو افق الاندفاعة الروسية، ومع زخم البدايات بدا الهجوم الجوي عاجز عن تغيير موازين القوى بين النظام السوري والمعارضة.

الثابت ان مفعولاً عكسياً سببته الغارات الجوية الروسية ضد "المعارضة المعتدلة" لقد تدفق السلاح وتكتلت فصائلها في اطر موحدة ومنظمة بعد الهجوم المزدوج الروسي والداعشي المتناغم على اطراف حلب. روسيا قلقة من تسرب صواريخ مضادة للطائرات الى ايدي مجموعات معارضة كما حصل قبل اسبوعين بعد تزويد فصائل الجيش الحر بصواريخ مضادة للدروع استهدفت مدرعات للجيش السوري وطالت ايضاً مدرعات التابعة للقوة الروسية. روسيا تحاول استباق حصول نكسة لاندفاعتها العسكرية بفتح افق من المشاورات مع تركيا والسعودية في سبيل منع تدفق السلاح النوعي للمعارضة.

يبقى ان الموقف الرسمي السعودي لم يقم بتصعيد الخلاف مع روسيا، السعودية ركزت على الدور الايراني في سورية، وميّزت عمليا بين التدخلين الايراني والروسي سياسياً، وهذا ما عبر عنه وزير الخارجية السعودي عادل الجبير قبل يومين، عندما طالب ايران بالخروج من سورية ووقف دعم بشار الاسد لتكون شريكا في الحل، من دون ان يطالب روسيا بوقف ضرباتها العسكرية لتكون طرفا في الحل المنشود. لكن في المقابل فتحت المملكة السعودية باب الدعم غير المسبوق للمعارضة السورية اثر الهجمات الجوية ل"جيش القيصر"، وتحركت عبر ممثليها عبر تركيا من اجل توحيد الفصائل ضمن اطار منظم، وهو بحسب وصف مصادر المعارضة السورية، "تطور ايجابي لم يسبق ان اعتمد من قبل المملكة تجاه المعارضة".

الاوساط الدبلوماسية الايرانية كما التركية، تتقاطع على تأكيد ان الميدان السوري امام 3 اشهر، محتدمة من القتال، يمكن ان تساهم في نضوج خيار التسوية ايران تراهن على بقاء الاسد وتركيا ترى ان دور الأسد الى مزيد من التهميش. وثمة حقيقة بدأت تترسخ، ان النتائج العسكرية الميدانية ليست هي من يقرر الشروط السياسية للأزمة. هذا اذا افترضنا ان الهجوم الروسي يحقق تقدما في الجغرافيا السورية، علما أن المؤشرات الميدانية تدلل على نتائج جد هامشية ان وجدت للجيش النظامي وللميليشيات الايرانية والحليفة. ما يقرر هو الميزان الاقليمي الشامل.

عزل الأزمة السورية عن باقي الأزمات هو المسار الذي جعل من العداء داخل سورية او التقارب بين الدول المتصارعة غير مرتبط بالعلاقة الثنائية بين هذه الدول سلبا وايجابا. فاسرائيل فرضت نفسها لاعبا معترفا به في المعادلة السورية الاقليمية باقرار روسي، من دون ان يعني ذلك بالضرورة تحولا في العلاقات الاسرائيلية مع ايران او مع سواها. المشهد السوري لم يزل بانتظار استكمال زخم الدخول الروسي بعد استنفاذ الزخم الايراني، فيما الادارة الاميركية الممسكة بخيوط الشبكة العنكبوتية لاطراف الصراع الاقليميين، تراقب ميزان الانهاك الاقليمي ومدى نضوج شروط التسوية الملائمة التي لا تستدرجها للانخراط في القتال ولا الغرق في الرمال السورية الاقليمية.

omantoday

GMT 14:29 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

الثكنة الأخيرة

GMT 14:28 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

سوريا... هذه الحقائق

GMT 14:27 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

في أنّنا بحاجة إلى أساطير مؤسِّسة جديدة لبلدان المشرق

GMT 14:26 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

مخبول ألمانيا وتحذيرات السعودية

GMT 14:25 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

التاريخ والفكر: سوريا بين تزويرين

GMT 14:24 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

إنجاز سوريا... بين الضروري والكافي

GMT 14:22 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

ليبيا: لعبة تدوير الأوهام

GMT 14:21 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

عالية ممدوح

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

عزل الأزمة السورية وثلاثة أشهر دموية عزل الأزمة السورية وثلاثة أشهر دموية



إطلالات أروى جودة في 2024 بتصاميم معاصرة وراقية

القاهرة - عمان اليوم

GMT 13:56 2024 الثلاثاء ,17 كانون الأول / ديسمبر

نصائح سهلة للتخلص من الدهون خلال فصل الشتاء

GMT 16:04 2019 الخميس ,01 آب / أغسطس

تمتع بالهدوء وقوة التحمل لتخطي المصاعب

GMT 09:41 2019 الخميس ,01 آب / أغسطس

تعيش أجواء مهمة وسعيدة في حياتك المهنية

GMT 22:59 2019 الأحد ,15 أيلول / سبتمبر

اهتمامات الصحف الليبية الأحد
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

omantoday Omantoday Omantoday Omantoday
omantoday omantoday omantoday
omantoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
oman, Arab, Arab