لبنان المحلي بعد استنزاف أدواره الإقليمية

لبنان "المحلي" بعد استنزاف أدواره الإقليمية

لبنان "المحلي" بعد استنزاف أدواره الإقليمية

 عمان اليوم -

لبنان المحلي بعد استنزاف أدواره الإقليمية

علي الأمين

اليوم جلسة مفترضة لانتخاب رئيس للجمهورية، النتيجة لا تحتاج الى كثير من الرصد والاستقراء، فلا رئيس في الجلسة رقم 29 بل تحديد موعد لجلسة 30 بعد اسبوعين او ثلاثة.

الجمهورية ليست بخير. كانت كذلك من قبل، لكن أحوالها اليوم تسوء اكثر. لا المؤسسات الدستورية تعمل بالحدّ الأدنى ولا الحياة السياسية تنتظم على ايقاع الدولة وشروطها الدستورية والقانونية. ربما مسار الخروج على قواعد الدستور والقانون يكتسب قوته في فرض حضوره، لكون الصراع السياسي الدائر ينتمي الى عناوين لا صلة لها بمفهوم وحدة البلاد وسيادة القانون وتفعيل دور المؤسسات الدستورية، ولا يتصل مطلقاً بعناوين تطوير النظام وإصلاحه، ولا بما يساهم في توفير شروط الديمقراطية وتعزيز سلطة القضاء وما الى ذلك من عناوين يرفعها اركان الحكم والحكومة حين "يحاضرون بالعفة". المشكلة الجوهرية ان الدولة ليست في برنامج القوى الحاكمة، بل فقط السلطة التي يوفرها هذا الانجرار نحو شعارات ومحاور لا يستقيم الانتساب لها الا بنبذ شروط الدولة ورذلها.

هو مسار نشوء مراكز القوى التي تجوّف الدولة وتضعفها لحساب نفوذ قوى لا تحيا بغير تهميش الدولة. اذ كيف يمكن الا يكون هذا التراجع المريع لخدمات الدولة مصدر قلق للقوى المشاركة في الحكم والادارة؟ على العكس، فما يلمسه اللبنانيون هو ارتياح الاحزاب الحاكمة لفكرة ان يبقى لبنان بلا رئيس للجمهورية، ولو لمئة عام، كما قالها الامين العام لحزب الله في مقابلته الاخيرة (الجمعة) على قناة المنار، في سياق تأكيده على دعم ترشيح العماد ميشال عون للرئاسة الاولى.

في مقابل هذا المسار التعطيلي ثمة مؤشرات تشير الى ان هذه المعادلة المتحكمة في الشأن العام غير قابلة للاستمرار، ومرشحة الى مزيد من التداعي... هذه المؤشرات، كما ترصدها مصادر مراقبة ومطلعة على الشأن الاقليمي والمحلي، تستند الى ان لبنان، بكل ما فيه من اطراف سياسية، سيجد نفسه مدفوعا الى البحث عن حلول لمشكلات لبنانية ملحة ليتاح لهذه القوى الاستمرار في معادلة السلطة. ازمات محلية ستفرض نفسها بقوة، كما تلاحظ هذه المصادر، بسبب تراجع بدأ وستزداد وتيرته، لدور القوى المحلية في الملفات الاقليمية. فالمسألة السورية كشفت ولا تزال هامشية الدور اللبناني. ودخول اللاعبين الكبار سيظهر اكثر ان ما حصده حزب الله ليس اكثر من الخسائر البشرية والمعنوية، لا سيما ان هذا التورط في القتال السوري فرض وقائع جديدة تجعل اسرائيل اكثر اطمئنانا على حدودها.

النزف السوري سيزيد من تهميش لبنان اقليميا ودوليا، إما بمزيد من الغرق في المواجهات العبثية التي تهدد وجود لبنان بمن فيه، او بالعودة الى المساحة الجغرافية والسياسية للبنان الذي سيفرض على الكثيرين التواضع والاندراج اكثر في الحسابات المحلية سياسيا واقتصاديا والالتزام بالمقتضيات الدولية. لم تعد القوى اللبنانية مطالبة من الخارج بالانخراط في معارك اقليمية بنفس الزخم السابق. هذا ما يمكن تلمسه من تراجع في تمويل الحملات السياسية المتبادلة من على ضفتي 8 و14 آذار، وذلك مؤشر على ان الوظيفة الاقليمية للقوى اللبنانية تنحسر. فحتى حزب الله تم استنفاده في معارك الاقليم، بعدما استنفد هو ايضا شعارات المقاومة وحماية المقامات وطريق القدس، وبات امام مأزق وجودي سيفرض عليه خياراً من اثنين: اما المزيد من الغرق في الرمال السورية، او العودة الى الداخل لمواجهة تحديات الدولة في لبنان.

وبالتالي فإن إبَرَ المورفين المالية التي كان يتلقاها الاقتصاد اللبناني ستتراجع اكثر فأكثر لتفرض الازمات نفسها على اللبنانيين. لا يعني ذلك ان ايران ستتخلى عن حزب الله، ولا السعودية عن تيار المستقبل، لكن اولويات جديدة بدأت تفرض نفسها في الاقليم تجعل لبنان هامشاً فيها. هذه الهامشية ربما تنعش مطلب الحلّ لبنانيا، بعدما اقتصرت السياسة فيه على صراع شعارات كبرى، وعلى محاصصة عرّت الدولة، فيما البلد يفتقد لابسط شروط الخدمات ولمقومات الدولة النامية، ويعاني من عجز تكويني في التركيبة السياسية لادارة الشأن العام.

الحراك المدني كان الصرخة - الانذار، التي بدأت في ملف النفايات وأنجزت ولن تتوقف عند حدوده. صرخة ودينامية جديدة لن تتحقق ببراعة المناضلين في هذا الحراك فحسب، بل بحجم ما راكمت القوى السياسية من ازمات مسّت جميع المواطنين والمؤسسات.

الجمهورية ليست بخير والرئيس لن ينتخب اليوم. هو تحدّ امام اللبنانيين ولن يعينهم احد هذه المرة لا على مواجهته ولا على الاستسلام له ايضاً.

omantoday

GMT 14:29 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

الثكنة الأخيرة

GMT 14:28 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

سوريا... هذه الحقائق

GMT 14:27 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

في أنّنا بحاجة إلى أساطير مؤسِّسة جديدة لبلدان المشرق

GMT 14:26 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

مخبول ألمانيا وتحذيرات السعودية

GMT 14:25 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

التاريخ والفكر: سوريا بين تزويرين

GMT 14:24 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

إنجاز سوريا... بين الضروري والكافي

GMT 14:22 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

ليبيا: لعبة تدوير الأوهام

GMT 14:21 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

عالية ممدوح

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

لبنان المحلي بعد استنزاف أدواره الإقليمية لبنان المحلي بعد استنزاف أدواره الإقليمية



إطلالات أروى جودة في 2024 بتصاميم معاصرة وراقية

القاهرة - عمان اليوم

GMT 13:56 2024 الثلاثاء ,17 كانون الأول / ديسمبر

نصائح سهلة للتخلص من الدهون خلال فصل الشتاء

GMT 16:04 2019 الخميس ,01 آب / أغسطس

تمتع بالهدوء وقوة التحمل لتخطي المصاعب

GMT 09:41 2019 الخميس ,01 آب / أغسطس

تعيش أجواء مهمة وسعيدة في حياتك المهنية

GMT 22:59 2019 الأحد ,15 أيلول / سبتمبر

اهتمامات الصحف الليبية الأحد
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

omantoday Omantoday Omantoday Omantoday
omantoday omantoday omantoday
omantoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
oman, Arab, Arab