شعور بالارتياح

شعور بالارتياح

شعور بالارتياح

 عمان اليوم -

شعور بالارتياح

حسن نافعة

توجهت صباح (الخميس) إلى مبنى التليفزيون فى ماسبيرو للمشاركة فى إحدى فقرات برنامج «صباح الخير يا مصر». فى الطريق رحت أتأمل وجوه المصريين وكأننى أراهم لأول مرة. فرق هائل بين الملامح التى كانت تطالعنى بالأمس، والتى كانت تنطق بعبوس يصل إلى حد القنوط، والملامح التى أراها اليوم والتى تعكس شعوراً عميقاً بارتياح يولد لديك الإحساس بأن هماً ثقيلاً انزاح فجأة من على قلوبهم، وأنهم تخففوا من عبء ثقيل كانت تنوء به كواهلهم. ففى معظم إشارات المرور كانت أياد كثيرة لأشخاص بعضها يعرفنى وبعضها لا يعرفنى تلوّح لى بحرارة، بل إن بعض ركاب السيارات كان يخاطر بالنزول من سيارته ليصافحنى وهو يصيح قائلا: «مبروك عليك.. مبروك علينا.. مبروك على مصر كلها»، ثم يعود أدراجه ليلحق بسيارته قبل أن تضىء الإشارة الخضراء. تملكنى إحساس غامر بأن «مصر اليوم فى عيد» حقيقى. تذكرت على الفور ذلك اليوم الذى أعلنت فيه لجنة الانتخابات الرئاسية فوز الدكتور محمد مرسى بالمنصب الرئاسى. شاءت المصادفات أن أكون قبيل الموعد المحدد لإعلان النتيجة ضيفاً على أحد البرامج التليفزيونية فى ماسبيرو أيضا، ولأن شعوراً بالتوتر كان يجتاحنى، فقد رأيت أنه ربما يكون من الأفضل أن أستمع إلى تقرير اللجنة وسط الناس بدلاً من أن أستمع إليه وحدى فى السيارة وأنا على هذه الحالة من التوتر. لذا ألقيت بنفسى على أقرب مقعد فى أقرب مقهى شعبى بجوار ماسبيرو، وما هى إلا دقائق حتى امتلأ المكان عن آخره ولم يعد هناك موضع لقدم. وما إن أعلن فوز الدكتور مرسى رئيساً حتى ضجّ المكان بالتصفيق وعلت هتافات «الله أكبر»، وراح الناس يتبادلون القبلات والتهانى. وقتها أحسست بأن شعوراً عميقاً بالارتياح، يماثل بالضبط نفس الشعور السائد اليوم، كان يسيطر على أغلبية الجماهير. ما بين لحظة الفرح بفوز مرسى ولحظة الفرح بإزاحته من القصر الرئاسى مضى عام واحد تكشفت خلاله حقائق وسقطت أوهام. فمنذ عام كان الشعب المصرى على استعداد لمنح جماعة الإخوان فرصة لإدارة شؤون الدولة والمجتمع، اعتقاداً منه أن هذه الجماعة مؤهلة لتلك المهمة، بحكم تجربة طويلة فى العمل السياسى تمتد لما يقرب من قرن كامل، وأنها تستحقها، بحكم تضحيات كثيرة قدمتها فى المرحلة السابقة. غير أن أحداً لم يكن يتصور مطلقاً أن يأتى الأداء السياسى للجماعة بائساً إلى الحد الذى يدفع بما يقرب من ثلاثين مليون مواطن مصرى للخروج إلى الشوارع والميادين للمطالبة بسحب الثقة من محمد مرسى وإجراء انتخابات رئاسية مبكرة بعد أقل من عام على انتخابه، وفى مشهد مهيب لا يستطيع أن يصنعه أى شعب آخر فى العالم سوى الشعب المصرى. ستقول الجماعة كلاماً كثيراً عن أن ما حدث انقلاب عسكرى على الشرعية الدستورية، وأنه نتاج مؤامرة كبرى بدأ الإعداد لها منذ اللحظة الأولى لتولى الدكتور مرسى رئاسة الدولة. لكننى على قناعة تامة بالعكس تماماً، وبأن الجيش لم يتحرك إلا بعد أن استشعر خطورة السياسات التى انتهجها الدكتور مرسى وجماعته على الأمن القومى المصرى، وأن الصبر على الأوضاع القائمة كان يمثل فى حد ذاته جريمة فى حق الوطن. ما حدث فى تقديرى كان ثورة شعبية كاملة لتصحيح مسار الثورة الأم التى سرقتها الجماعة وحاولت الاستئثار بمغانمها لنفسها، ولم يكن الدور الذى لعبه الجيش سوى نزول على إرادة الشعب المصرى وبناء على رغبة جماهيرية عامة باتت على قناعة تامة بأن الصبر أكثر على الإخوان كان معناه ضياع الوطن إلى الأبد. ورغم قناعتى التامة بأن للجماعة أعداء كثيرين، إلا أن الجماعة هى التى هزمت نفسها بنفسها ولم يهزمها أحد. الجماعة هزمت الجماعة وأنهت وجودها بأسرع مما كان يتمنى ألد أعدائها نقلا عن جريدة المصري اليوم 

omantoday

GMT 14:29 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

الثكنة الأخيرة

GMT 14:28 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

سوريا... هذه الحقائق

GMT 14:27 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

في أنّنا بحاجة إلى أساطير مؤسِّسة جديدة لبلدان المشرق

GMT 14:26 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

مخبول ألمانيا وتحذيرات السعودية

GMT 14:25 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

التاريخ والفكر: سوريا بين تزويرين

GMT 14:24 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

إنجاز سوريا... بين الضروري والكافي

GMT 14:22 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

ليبيا: لعبة تدوير الأوهام

GMT 14:21 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

عالية ممدوح

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

شعور بالارتياح شعور بالارتياح



إطلالات أروى جودة في 2024 بتصاميم معاصرة وراقية

القاهرة - عمان اليوم

GMT 13:56 2024 الثلاثاء ,17 كانون الأول / ديسمبر

نصائح سهلة للتخلص من الدهون خلال فصل الشتاء

GMT 20:41 2020 السبت ,05 كانون الأول / ديسمبر

يوم مميز للنقاشات والاتصالات والأعمال

GMT 17:31 2020 الجمعة ,28 شباط / فبراير

يولد بعض الجدل مع أحد الزملاء أو أحد المقربين

GMT 14:50 2019 الثلاثاء ,02 إبريل / نيسان

حافظ على رباطة جأشك حتى لو تعرضت للاستفزاز

GMT 06:18 2019 الإثنين ,01 تموز / يوليو

تنتظرك أحدث سعيدة خلال هذا الشهر

GMT 22:59 2019 الأحد ,15 أيلول / سبتمبر

اهتمامات الصحف الليبية الأحد

GMT 12:27 2019 الخميس ,05 أيلول / سبتمبر

السعودية تستضيف نزال الملاكمة الأهم هذا العام
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

omantoday Omantoday Omantoday Omantoday
omantoday omantoday omantoday
omantoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
oman, Arab, Arab