مخاطر تدويل الأزمة فى مصر

مخاطر تدويل الأزمة فى مصر

مخاطر تدويل الأزمة فى مصر

 عمان اليوم -

مخاطر تدويل الأزمة فى مصر

حسن نافعة

بدأت تتقاطر على مصر وفود أجنبية من كل صوب وحدب. فى البداية بدا أن الهدف المعلن من زياراتها المتواترة هو التعرف على حقيقة ما يجرى فى مصر، وهو هدف مشروع وحميد، خصوصا أن القواعد المعمول بها فى بعض المنظمات الدولية، على رأسها الاتحاد الأفريقى، تقضى بتجميد عضوية الدول التى يحدث فيها تغيير مفاجئ للسلطة بطرق تبدو غير دستورية، من حيث الشكل، كما بدا أن للنظام الجديد الحاكم مصلحة واضحة فى السماح للوفود الأجنبية بزيارة مصر وبالاتصال بكل من ترغب من أطراف ترى أنها قد تساعدها فى مهمتها الرامية لإعادة تقييم الوضع فى مصر، وللتأكد بنفسها من أن ما حدث يومى 30 يونيو و3 يوليو الماضيين لم يكن انقلابا عسكريا، وإنما كان ثورة شعبية على حكم الإخوان، وأن انحياز الجيش إلى هذه الثورة لم يكن مجرد مناورة تستهدف الاستيلاء على السلطة فى مرحلة لاحقة، وإنما كان تحركا واعيا استهدف المساعدة على إعادة فتح طريق نحو التحول الديمقراطى الحقيقى كانت جماعة الإخوان قد قامت بإغلاقه تماما. غير أنه سرعان ما تبين أن تقاطر هذه الوفود يتيح أمام جماعة الإخوان فرصة ثمينة لإظهار الأزمة السياسية الراهنة كأنها صراع على السلطة محتدم بين طرفين، أحدهما قام باغتصابها بقوة السلاح والآخر يرفض الاستسلام للأمر الواقع ويحتشد فى الميادين، احتجاجا على ما حدث، ويصر على عودة الرئيس المنتخب إلى سدة الحكم. وبعد أن كانت الزيارات التى سمح بها لشخصيات أو وفود أجنبية تصور على أنها تتم لأسباب ودوافع إنسانية بحتة، للاطمئنان على صحة الرئيس المعزول، وللتأكد من أنه يعامل معاملة كريمة ولائقة، راحت هذه الزيارات، خصوصا مع تواترها وتنوعها، تصور على أنها محاولات للوساطة تقوم بها وفود رسمية تمثل دولا أو منظمات دولية تسعى للتوصل إلى تسوية سياسية للأزمة تجنب البلاد صداما محتملا قد تسيل فيه دماء كثيرة، خصوصا فى حال ما إذا أصرت الحكومة الحالية على فض الاعتصام بميدانى رابعة العدوية والنهضة بالقوة. فى سياق كهذا بدا الرئيس المعزول كأنه يقود من محبسه مفاوضات سياسية تستهدف التوصل إلى تسوية للأزمة، وهو أمر كان مقصودا من جانب الجماعة، لإضفاء قدر من المشروعية الدولية على الرئيس المعزول، باعتباره جزءا من الحل وليس من المشكلة. ولأن الحكومة لم تتنبه إلا مؤخرا إلى خطورة هذا الوضع، فقد قررت، على ما يبدو، عدم السماح لمزيد من الوفود الأجنبية بزيارة الرئيس المعزول، وهو ما حدث مع وزير الخارجية الألمانى، على سبيل المثال، دون أن تغلق، فى الوقت نفسه، باب الوساطة أمام كل من يرغب فى القيام بدور، شريطة أن يتم هذا مع الشخصيات القيادية فى الجماعة التى تملك الحل والعقد. وفى هذا السياق وحده يمكن فهم دلالة الزيارة التى قام بها، مساء الأحد الماضى، وفد يضم ممثلين عن الولايات المتحدة وأوروبا وقطر والإمارات، للمهندس خيرت الشاطر فى محبسه بسجن طرة. لا اعتراض لى على الجهود التى تبذل للبحث عن تسوية سياسية للأزمة، بل على العكس فأنا من أشد المتحمسين للتوصل إلى تسوية تجنب مصر صداما ستكون هى الخاسر الأكبر فيه. غير أنه لا يسعنى فى الوقت نفسه سوى التحذير من خطورة المحاولات الرامية لاستخدام الوساطة وسيلة لتدويل الأزمة المصرية. فالوسطاء الدوليون قد يتحولون فى مرحلة لاحقة إلى «ضامنين» لما يتم الاتفاق عليه بين الطرفين المتصارعين، ثم إلى «مراقبين» لحسن سير الإجراءات التى سيتم الاتفاق عليها لوضع بنود التسوية المقترحة موضع التنفيذ، ثم إلى «محكمين» يحق لهم تقرير مدى التزام الأطراف المعنية بتنفيذ بنود الاتفاقية التى تم التوصل إليها، ولا يستبعد أن يعطى هؤلاء لأنفسهم بعد ذلك حق فرض «عقوبات» على الأطراف المخالفة. ورغم إدراكى العميق لحقيقة أساسية وهى أن حالة الاستقطاب الحاد الحادث حاليا بين طرفى الصراع لا تسمح بظهور طرف ثالث محلى تتوافر فيه شروط الحياد ويستطيع أن يقوم بدور وساطة حقيقية تساعد على جسر فجوة الثقة بين الطرفين المتصارعين، فإننى أخشى كثيرا من عواقب ومخاطر الانزلاق نحو تدويل تدريجى للأزمة قد تدفع مصر كلها ثمنه غاليا. نعم للتسوية السلمية للأزمة، ولا وألف لا لتدويلها. نقلا عن جريدة  المصري اليوم 

omantoday

GMT 14:29 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

الثكنة الأخيرة

GMT 14:28 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

سوريا... هذه الحقائق

GMT 14:27 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

في أنّنا بحاجة إلى أساطير مؤسِّسة جديدة لبلدان المشرق

GMT 14:26 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

مخبول ألمانيا وتحذيرات السعودية

GMT 14:25 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

التاريخ والفكر: سوريا بين تزويرين

GMT 14:24 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

إنجاز سوريا... بين الضروري والكافي

GMT 14:22 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

ليبيا: لعبة تدوير الأوهام

GMT 14:21 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

عالية ممدوح

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

مخاطر تدويل الأزمة فى مصر مخاطر تدويل الأزمة فى مصر



إطلالات أروى جودة في 2024 بتصاميم معاصرة وراقية

القاهرة - عمان اليوم

GMT 13:56 2024 الثلاثاء ,17 كانون الأول / ديسمبر

نصائح سهلة للتخلص من الدهون خلال فصل الشتاء

GMT 20:41 2020 السبت ,05 كانون الأول / ديسمبر

يوم مميز للنقاشات والاتصالات والأعمال

GMT 17:31 2020 الجمعة ,28 شباط / فبراير

يولد بعض الجدل مع أحد الزملاء أو أحد المقربين

GMT 14:50 2019 الثلاثاء ,02 إبريل / نيسان

حافظ على رباطة جأشك حتى لو تعرضت للاستفزاز

GMT 06:18 2019 الإثنين ,01 تموز / يوليو

تنتظرك أحدث سعيدة خلال هذا الشهر

GMT 22:59 2019 الأحد ,15 أيلول / سبتمبر

اهتمامات الصحف الليبية الأحد

GMT 12:27 2019 الخميس ,05 أيلول / سبتمبر

السعودية تستضيف نزال الملاكمة الأهم هذا العام
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

omantoday Omantoday Omantoday Omantoday
omantoday omantoday omantoday
omantoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
oman, Arab, Arab