مصر تصرخ ألمًا فهل من مغيث

مصر تصرخ ألمًا: فهل من مغيث؟

مصر تصرخ ألمًا: فهل من مغيث؟

 عمان اليوم -

مصر تصرخ ألمًا فهل من مغيث

حسن نافعة

كما كان متوقعاً، لم يحسم حكم المحكمة الدستورية العليا الجديد شيئاً، ولم يقدم حلولاً أو خارطة طريق للخروج من الأزمة السياسية المستحكمة التى أمسكت بخناق مصر. فحين تعجز السياسة عن تسيير شؤون الدولة والمجتمع قد يصبح القضاء ملاذاً أخيراً لاسترداد حقوق معرضة للضياع أو للحفاظ على مراكز قانونية مكتسبة أو مهددة، لكنه لا يستطيع أن يحل محل السياسة أو يصبح بديلاً عنها. ولأن مصر تبدو الآن فى حالة ضياع سياسى كامل، لم يتوقع أحد من الحكم الأخير للمحكمة الدستورية العليا سوى أن يكون كاشفاً لحالة الضياع هذه، بأبعادها المتعددة، وليس منقذاً للبلاد من شرورها المحدقة بالجميع. إذا حاولنا تلخيص ما انتهت إليه المحكمة الدستورية فى حكمها الأخير فيمكن صياغته فى جملتين مفيدتين قصيرتين على النحو التالى: 1- بطلان الجمعية التأسيسية التى عهد إليها بكتابة الدستور، لأن القانون الذى حدد معايير تشكيلها صدر معيباً، ومع ذلك فإن الدستور الذى أنتجته الجمعية المشوبة بالبطلان أصبح أمراً واقعاً لأن الإرادة الشعبية المعبر عنها من خلال الاستفتاء أضفت على هذا الدستور حصانة ومشروعية. 2- بطلان مجلس الشورى، بتشكيله الحالى، لأن القانون الذى انتخب على أساسه صدر معيباً، ومع ذلك أصبح هذا التشكيل محصناً بنص المادة 230 من الدستور المستفتى عليه، ومن ثم لا يجوز حله ويمكنه الاستمرار فى أداء المهام الموكولة إليه بموجب نص دستورى حتى انتخاب مجلس جديد للنواب. فى ضوء ما تقدم، يمكن القول بوضوح إن مصر تدار حالياً من خلال دستور صاغته جمعية تأسيسية معيبة ويشوبها عوار واضح. وبدلاً من أن تقرر المحكمة بطلان الدستور الذى أنتجته جمعية باطلة، تأسيساً على المبدأ القائل بأن ما بنى على باطل فهو باطل، خلصت المحكمة إلى أن هذا الدستور أصبح أمراً واقعاً وتحصن بإرادة عامة عبر عنها استفتاء شعبى. ولأن هذا الدستور أصبح ملزماً للمحكمة نفسها، والتى يحق لها النظر فى دستورية القوانين وليس فى شرعية الدساتير، فليس لها إلا أن تحكم بموجبه، وإلا تكون قد جاوزت اختصاصها. كما يمكن القول فى الوقت نفسه، وربما كان هذا هو الأخطر، أن سلطة التشريع فى مصر تمارس من خلال هيئة باطلة، لأنها انتخبت على أساس قانون ثبت بالدليل القاطع عدم دستوريته، غير أن المحكمة الدستورية لا تستطيع مع ذلك أن تقرر حل هذه الهيئة، وذلك لسبب واضح وهو أن الدستور الذى أنتجته هيئة شابها البطلان بدورها حصّنه استفتاء شعبى يمنحها الحق فى ممارسة سلطة التشريع، بتشكيلها الراهن، حتى ولو كان لفترة زمنية محدودة إلى حين انتخاب مجلس جديد للنواب. هكذا عادت مصر إلى المربع الأول من جديد. بوسع الحزب الحاكم اليوم، ومعه القوى السياسية المؤيدة له، أن يتوجه للمعارضة السياسية قائلاً: قضى الأمر الذى فيه تستفتيان، وبوسعه أيضاً أن يدعى، استناداً إلى حكم المحكمة الدستورية الأخير، أن فى مصر الآن: دستوراً واجب التطبيق، ورئيساً للسلطة التنفيذية منتخباً لمدة أربع سنوات، وهيئة تشريعية يحق لها ممارسة سلطة التشريع كاملة إلى أن يتم انتخاب مجلس للنواب. على الجانب الآخر: بوسع كل القوى السياسية المعارضة للحزب الحاكم أن تدعى، استناداً إلى ذات الحكم الصادر عن المحكمة الدستورية: 1-أن الدستور المطبق غير شرعى لأنه صدر عن جمعية تأسيسية ثبت بطلانها من الناحية القانونية، فضلاً عن أن الحزب الحاكم نفسه والقوى الداعمة له اعترفت رسمياً بعوار شاب صياغة الدستور وبالحاجة الماسة إلى تعديل عدد كبير من نصوصه 2- أن سلطة التشريع باتت مغتصبة لأنها تمارس بواسطة هيئة ثبت قانوناً بطلان تشكيلها، وأنه ليس بمقدور هذه الهيئة أن تمارس سلطة التشريع، فى أحسن الأحوال، إلا فى الحدود اللازمة فقط لانتخاب مجلس جديد للنواب ولا شىء غير ذلك. وبوسع كل من الفريقين المتصارعين أن يجد فى الحكم الأخير الصادر عن المحكمة الدستورية العليا حججاً منطقية وأسانيد قانونية تدعم وجهة نظره والموقف السياسى الذى يستند إليه. فما العمل؟. أظن أنه بات واضحاً لكل ذى عينين أن مصر أصبحت جسداً مريضاً ومستباحاً من الجميع. فالقوى الحاكمة تشده فى اتجاه بينما قوى المعارضة تشده فى الاتجاه المضاد دون أن يعبأ أحد بما يصدر من أنين عن هذا الوطن الذى يوشك أن يتفسخ بين أيدى المتصارعين. فهل لهذا الوطن من مغيث؟ نقلا عن جريدة "المصري اليوم "

omantoday

GMT 14:29 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

الثكنة الأخيرة

GMT 14:28 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

سوريا... هذه الحقائق

GMT 14:27 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

في أنّنا بحاجة إلى أساطير مؤسِّسة جديدة لبلدان المشرق

GMT 14:26 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

مخبول ألمانيا وتحذيرات السعودية

GMT 14:25 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

التاريخ والفكر: سوريا بين تزويرين

GMT 14:24 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

إنجاز سوريا... بين الضروري والكافي

GMT 14:22 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

ليبيا: لعبة تدوير الأوهام

GMT 14:21 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

عالية ممدوح

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

مصر تصرخ ألمًا فهل من مغيث مصر تصرخ ألمًا فهل من مغيث



إطلالات أروى جودة في 2024 بتصاميم معاصرة وراقية

القاهرة - عمان اليوم

GMT 13:56 2024 الثلاثاء ,17 كانون الأول / ديسمبر

نصائح سهلة للتخلص من الدهون خلال فصل الشتاء

GMT 16:04 2019 الخميس ,01 آب / أغسطس

تمتع بالهدوء وقوة التحمل لتخطي المصاعب

GMT 09:41 2019 الخميس ,01 آب / أغسطس

تعيش أجواء مهمة وسعيدة في حياتك المهنية

GMT 22:59 2019 الأحد ,15 أيلول / سبتمبر

اهتمامات الصحف الليبية الأحد
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

omantoday Omantoday Omantoday Omantoday
omantoday omantoday omantoday
omantoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
oman, Arab, Arab