انتهاك الذاكرة

انتهاك الذاكرة

انتهاك الذاكرة

 عمان اليوم -

انتهاك الذاكرة

بقلم:مشاري الذايدي

الإنسان بلا ذاكرة، مجرد هيكل عضوي فارغ، فالذكريات والتذّكر والاستذكار والمذاكرة، هي جوهرُ التفردِ الإنساني عن سائر المخلوقات.

من أجل ذلك نجد أنَّ من أصعبِ وأشقى العلل التي تصيب الإنسانَ في هذا العصر ما يسمى مرض ألزهايمر، لست أعلم كيف كانَ يُدعى هذا المرض في القديم وهل هو نفسه الخرف!؟

لكن من واقع تجارب أصدقاء ومعارف وأقرباء اطّلعت عليها لمعاناة أحباب لهم مع مرض ألزهايمر، فإنَّه حقاً يتَّضح أنَّ عملية التذكر والاحتفاظ بقدرة الذاكرة أمرٌ حيوي وأساس في بناء العلاقة الطبيعية مع الطرف الآخر. من شاهد مثلاً فيلم «زهايمر» للزعيم عادل إمام، متعه الله بالصحة وتمام الذاكرة، ورواية العظيم غازي القصيبي بالعنوان نفسه، سيلمس جانباً مخزناً من هذه الحال.

من نحن بلا ذاكرة... من أنت!؟

كتب عالم الأعصاب تشاران رانجاناث في كتابه الجديد «لماذا نتذكر» أنَّ «الذاكرة هي أكثر بكثير من مجرد أرشيف للماضي، إنَّها المنظور الذي نرى من خلاله أنفسَنا والآخرين والعالم».

أمضى البروفيسور رانجاناث، أستاذُ علم النفس في جامعة كاليفورنيا، كما في مطالعة فنية نشرتها «بي بي سي»، الثلاثين عاماً الماضية في استكشاف العمليات الدماغية التي تقف وراء قدرتنا على التذكر، والنسيان.

تحدَّث إلى الكاتب العلمي ديفيد روبسون حول هذا الفهم المتطوّر للدماغ... وممَّا جاء في حديث المؤلف عن الذاكرة مفاتيح أسئلة مثل:

لماذا لا تحتفظ بكل أشيائك؟ لماذا لا تخزن كل شيء؟ إذا لم ننسَ الأشياءَ التي عملناها ومررنا بها، فستخزن كل الذكريات، ولن تتمكن أبداً من العثور على ما تريد، عندما تريده.

يضرب مثلاً بعملية ترتيب الذاكرة بتصور التالي:

أنا أقيم حالياً في فندق، ولن يكونَ من المنطقي بالنسبة لي أن أتذكَّرَ رقم الغرفة التي أسكن فيها بعد أسبوعين من الآن. وبالمثل، فكر في جميع الأشخاص الذين مررت بهم في الشارع. هل حقاً أنت بحاجة لحفظ وتذكر وجوههم جميعاً؟

وعليه فهل الذاكرة مع التقدم في السن تصبح أكثر انتقائية و«عملية» في التذكر؟ المشكلة، كما قال بروفيسور رانجاناث، مع تقدمنا في السن، ليست بالضرورة أنَّنا لا نستطيع تكوين الذكريات، بل لأنَّنا لا نركّز على المعلومات التي نحتاج إلى تذكرها. نصبح أكثر قابلية للتشتت، وكل هذه الأشياء التافهة تأتي على حساب المواد المهمة التي نهتمُّ بها.

أقارن هذا الكلام العلمي بكمية المعلومات «التافهة» التي يراد بها إشغال المساحات من ذاكرتنا، كل يوم وكل ساعة، عبر آلاف الوسوم «تريند وهاشتاغ» بالهزيل من النمائم والهراء، وإعادة تدوير هذه النفايات من المعلومات التافهة... فماذا يظلُّ لنا من نعمة ذاكرتنا بعد هذا الإجهاد والاستنزاف الدائم!؟

كيف نعمل على ترتيب «الذاكرة الجماعية» للمجتمعات وليس فقط الذاكرة الفردية!؟

 

omantoday

GMT 05:48 2025 الأربعاء ,01 كانون الثاني / يناير

المُنقضي والمُرتجَى

GMT 05:46 2025 الأربعاء ,01 كانون الثاني / يناير

«طوفان الأقصى» و«ردع العدوان»: إغلاق النقاش وفتحه...

GMT 05:44 2025 الأربعاء ,01 كانون الثاني / يناير

عام ليس ككل الأعوام

GMT 05:42 2025 الأربعاء ,01 كانون الثاني / يناير

استعادة ثورة السوريين عام 1925

GMT 05:38 2025 الأربعاء ,01 كانون الثاني / يناير

البحث عن المشروع العربي!

GMT 05:36 2025 الأربعاء ,01 كانون الثاني / يناير

2025... العالم بين التوقعات والتنبؤات

GMT 05:30 2025 الأربعاء ,01 كانون الثاني / يناير

النقاش مستمر

GMT 05:28 2025 الأربعاء ,01 كانون الثاني / يناير

لا نملك إلا الأمل في عام 2025

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

انتهاك الذاكرة انتهاك الذاكرة



أحدث إطلالات أروى جودة جاذبة وغنية باللمسات الأنثوية

القاهرة - عمان اليوم

GMT 09:58 2025 الأربعاء ,01 كانون الثاني / يناير

إطلالات كيت ميدلتون أناقة وجاذبية لا تضاهى
 عمان اليوم - إطلالات كيت ميدلتون أناقة وجاذبية لا تضاهى

GMT 09:55 2025 الأربعاء ,01 كانون الثاني / يناير

أفضل الوجهات السياحية لعام 2025 اكتشف مغامرات جديدة حول العالم
 عمان اليوم - أفضل الوجهات السياحية لعام 2025 اكتشف مغامرات جديدة حول العالم

GMT 09:25 2025 الأربعاء ,01 كانون الثاني / يناير

اختيار بشار الأسد كأكثر الشخصيات فسادًا في العالم لعام 2024
 عمان اليوم - اختيار بشار الأسد كأكثر الشخصيات فسادًا في العالم لعام 2024

GMT 09:56 2025 الأربعاء ,01 كانون الثاني / يناير

طرق فعالة للتخلص من الدهون خلال فصل الشتاء
 عمان اليوم - طرق فعالة للتخلص من الدهون خلال فصل الشتاء
 عمان اليوم - كريم عبد العزيز يتحدث عن الرقم واحد وهذا ما قاله عن هنا الزاهد

GMT 10:02 2025 الأربعاء ,01 كانون الثاني / يناير

"نيسان" تحتفي بـ40 عامًا من التميّز في مهرجان "نيسمو" الـ25
 عمان اليوم - "نيسان" تحتفي بـ40 عامًا من التميّز في مهرجان "نيسمو" الـ25

GMT 09:56 2025 الأربعاء ,01 كانون الثاني / يناير

طرق فعالة للتخلص من الدهون خلال فصل الشتاء

GMT 09:41 2019 الخميس ,01 آب / أغسطس

تعيش أجواء مهمة وسعيدة في حياتك المهنية

GMT 16:04 2019 الخميس ,01 آب / أغسطس

تمتع بالهدوء وقوة التحمل لتخطي المصاعب

GMT 12:27 2019 الخميس ,05 أيلول / سبتمبر

السعودية تستضيف نزال الملاكمة الأهم هذا العام

GMT 22:59 2019 الأحد ,15 أيلول / سبتمبر

اهتمامات الصحف الليبية الأحد
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

omantoday Omantoday Omantoday Omantoday
omantoday omantoday omantoday
omantoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
oman, Arab, Arab